الجمعة، 16 نوفمبر 2018

رسالة (الثوب الابيض)...يوم الطلاق بثوب الزفاف ....


أكتب إليك من إحدى العواصم الأوروبية لأوري لك قصتي بعد أن شاركت قراءك همومهم طوال السنوات الماضية . وخصوصا في الفترة الأخيرة التي اغتربت فيها عن وطني وأسرتي فأنا يا سيدي رجل في الرابعة والأربعين من عمري , نشأت في أسرة بسيطة ابنا لأب موظف بالحكومة وشقيقا وحيدا لثلاث فتيات يصغرنني وما إن تخرجت في إحدى الكليات العملية وعملت بإحدى شركات القطاع العام حتى أحيل أبي للمعاش وانخفض دخله للربع بعد حرمانه من الموارد الإضافية فوجدت نفسي مسئولا عن الأسرة وعن شقيقاتي الصغيرات اللاتي رضعت حبهن منذ طفولتي , وتمتعت دائما بحبهن واحترامهن ..

ويوم قبض أبي معاشه الأول رأيته جالسا مع أمي يحاولان تدبير حياتنا بالمبلغ الصغير وملامح الانكسار تعلو وجه أبي , فلم أطق أن أراه مهزوما فتقدمت منه وقبلت يده وقلت له لقد أحسنت إلي كثيرا وحرمت نفسك من كل شيء في الحياة لتعلمني وجاء دوري لأرد لك الجميل , فاعتبرني من الآن مسئولا عن شقيقاتي ولا تشغل نفسك بأمرهن , وأخرجت راتبي كاملا وكان وقتها أربعين جنيها وأعطيته لأمي  فحاول أبي الاعتراض مذكرا إياي بأني شاب وسوف أتزوج ذات يوم , فطمأنته ورجوته ألا يفكر إلا في نفسه وصحته , ولم أقبل من راتبي سوى خمسة جنيهات لمواصلاتي ونثرياتي وتركتهما ودعاؤهما يلاحقني بأن يبارك الله لي في صحتي وعملي وشبابي وخرجت منتشيا بهذا الدعاء إلى لقاء صديق في المقهى القريب فو الله ما جلست معه ساعة حتى جاءني صديق ثالث يعرض علي أن أعمل رساما هندسيا في مكتب عمه الذي يبحث عن شاب مجتهد ليعمل معه ساعات مقابل ثلاثين جنيها , فقمت معه إليه , وتسلمت عملي في نفس الليلة وعدت لبيتي وفي جيبي عشرة جنيهات من أجري , أصر صاحب المكتب على أن يعطيها لي في أول لقاء .
وواجهت الحياة متفائلا رغم ثقل المسئولية ونظمت وقتي بين عملي الحكومي وعملي الحر في المساء وخصصت لشقيقاتي مصروف يد خمسة جنيهات لكل منهن بعيدا عن مصروف البيت الذي لا يتحمل هذا الترف ..
ومضت حياتنا هادئة رغم الصعوبات وواصلت شقيقاتي تعليمهن بنجاح وكنت مدرسهن وصديقهن ومستشارهن في كل ما يعرض لهن من أمور .. حتى أمور العاطفة .. وأشعرتهن دائما بثقتي فيهن وبجدارتهن بهذه الثقة .. فلم يخذلنني أبدا وتخرجت كبرى شقيقاتي وحصلت على تقدير متفوق بفضل اجتهادها وسهري معها للصباح في ليالي الامتحان .. وعملت بعد شهور من تخرجها وجاءنا من يطلب يدها فتمت خطبتها وساهمت في تجهيزها بكل قرش كسبته خلال السنوات الماضية وزففناها إلى زوجها بشكل كريم يتناسب مع إمكاناتنا .. وواصلت كفاحي مع الشقيقة الوسطى حتى تخرجت في كلية نظرية بعدها بعامين وتزوجت هي الأخرى وخلا بيتنا إلا من الصغرى التي كانت قد وصلت إلى السنة الثانية في كليتها وجلست التقط أنفاسي بعد زواج الشقيقتين .
فجاءني أبي يقول لي أنه آن الأوان لأن أفكر في الزواج قبل أن يفوتني القطار ..وكنت في حاجة فعلا لذلك فقد قاربت الثلاثين ولم أفكر في الارتباط بأي إنسانة .. وكنت قد ترقيت في عملي بالقطاع العام وتضاعف راتبي كما تضاعف أجري من المكتب عدة مرات , وزاد دخلي منه بما بدأت أنفذه لحسابي من أعمال يخصني بها صاحبه .. وسألت نفسي إذا كنت أستطيع الزواج فأين هي شريكة العمر .. وأحست أمي بما يدور داخلي فأبلغتني بأن عروسي جاهزة وأنها متيمة بي , لكن هموم الحياة قد شغلتني عن ملاحظة عيونها الهائمة .. وسألتها عنها فعرفت أنها صديقة صغرى شقيقاتي التي تزورها كثيرا وتبدي لي الود فعلا ولم أنتبه إليها من قبل .. ووجدت نفسي أفكر فيها , إنها تصغرني بتسع سنوات وجميلة جملا أخاذا كشقيقاتي الثلاث ومن أسرة صديقة طيبة .. وسرعان ما أحببتها .. وتمت خطبتي عليها فانفجر ينبوع حبها الصامت لي منذ 3 سنوات متدفقا , وكانت زميلة شقيقتي في الكلية فأصبحت جلسات المراجعة تضمنا نحن الثلاثة , وحين وصلت إلى السنة النهائية من كليتها قررت أن نتزوج وأن تواصل دراستها وهي زوجة , وتم الزواج فعلا وأقمت في شقة صغيرة حصلت عليها عن طريق عملي , وتخرجت زوجتي وشقيقتي في يوم واحد , وانتهت بذلك مسئوليتي العائلية تماما فيما عدا مساعدتي الشهرية الصغيرة لأبي وقسط  " الجمعية " الذي أدفعه لأمي لتجهيز شقيقتي الصغرى للزواج عندما يأتيها النصيب , ولم يتأخر حظها طويلا فلقد عملت وخطبت لزميل في العمل .. وتزوجت بعد عامين وفي يوم زفافها اكتمل شملنا جميعا : شقيقاتي وأزواجهن وأنا وزوجتي وأحسست بالرضا عن نفسي أن وفقني الله لأداء مسئولياتي العائلية وخجلت حين طلب أبي من صهر شقيقتي الصغرى أن يضع يده في يدي أنا لأني –كما قال- أبوهن الحقيقي .. ورفضت بإصرار ومضت حياتنا سعيدة هادئة لا يعكر صفوها شيء نلتقي كل يوم جمعة حول أبي وأمي في شقتنا القديمة ونلتقي مرة أخرى في بيتي مساء الأحد حيث لا يعمل المكتب الهندسي ونستمتع بسهرة سعيدة يظللها الحب والتفاهم .
ولم تخل الحياة بالطبع من بعض المنغصات .. وقد اختارني أنا فتقبلت نصيبي منها راضيا فلقد حملت زوجتي بعد عام من زواجنا , لكن حملها لم يعش سوى أربعة شهور وبعد عام آخر حملت مرة ثانية وطال حملها لمدة سبعة شهور ثم مات الجنين داخلها واضطر الأطباء لتوليدها بجراحة قيصرية لإخراجه وتأكدت من عدم قدرتها على الإنجاب فطلبت منها ألا تكرر التجربة مرة أخرى خوفا على حياتها لكنها تاقت إلى الإنجاب فتكررت نفس المأساة وكادت تهلك أثناء الجراحة ثم استسلمت بعدها لرأي الأطباء وكفت عن المحاولة لكن أشياء كثيرة تغيرت في روحها بعد ذلك , فبدأت تضيق بلقاء الأحد الذي يجمع شقيقاتي وأطفالهن وأزواجهن في بيتي , وبدأت تختلق الأعذار لتعوقني عن الذهاب إلى بيت أبي يوم الجمعة وتضيق بحبي لأبناء شقيقاتي وملاعبتي لهم وبدأت شقيقاتي يلاحظن سهومي واكتئابي ويحاولن التخفيف عني وفي هذه الفترة انتقلت من الشركة التي أعمل بها إلى منصب مرموق في شركة كبرى , وأصبحت لي سيارة وسكرتيرة ..ففقدت زوجتي اتزانها وتسلط عليها الشك في تصرفاتي .. والإحساس بعدم الأمان معي ثم سافرت في مهمة قصيرة للخارج فوجدت نفسي أفكر في حياتي معها وأعترف لنفسي بأني أتمزق داخليا بالرغبة في أنجاب طفل وإن هذا سبب متاعبي رغم حبها الجارف لي بل وحبي أيضا لها وعدت من السفر عازما على أن أذهب إلى بيت أبي وأقيم فيه إلى أن أضع حلا لمشكلتي معها ..
ووصلت إلى المطار ففوجئت بها تنتظرني فيه بالرغم من عدم إبلاغها بموعد عودتي ..فعجزت عن مصارحتها برغبتي وعدت معها إلى مسكننا .. وعشت عدة أسابيع بعدها لا أرى منها إلا عذوبة الفتاة الجميلة الرقيقة التي أحبتني حبا صامتا ثلاث سنوات قبل الخطبة .. وقررت العدول عما فكرت فيه .. لكن آه من وساوس النفس الباحثة دائما عما ينقصها فبعد شهور عاودتني نفس الأفكار وضقت بهمي فحزمت أمري وعدت من مكتبي إلى بيت أسرتي وصارحت أمي وأبي برغبتي في طلاق زوجتي لكي أتزوج أخرى وأنجب فعارضاني بشدة وجاءت شقيقاتي فعارضنني إشفاقا عليها .. مع تسليمهن بحقي المشروع في الإنجاب , وبكت شقيقتي الصغرى واستحلفتني أن أرجع عن قراري إدراكا لمدى حب زوجتي لي وطالبني أبي بمراجعة نفسي لفترة فاستجبت له وقررت الإقامة في بيته لفترة وعرفت زوجتي بالأمر .. فبكت طويلا ورفضت مغادرة الشقة إلى بيت أسرتها أملا في أن أعود إليها وبعد أسبوعين أرسلت إلي شقيقتي الصغرى تبلغني موافقتها على زواجي من أخرى بشرط ألا أطلقها وأن أعدل معها .. لكني تخوفت مما سأعانيه من تمزق وغيرة ومتاعب معها فرفضت , واستاء أبوها من موقفها فذهب إليها وحملها على مغادرة الشقة ونقل أشيائها وأثاثها إلى بيته وجاء يوم الطلاق فأصرت هي أن تذهب إلى المأذون لتتم الإجراءات في حضورها حتى تعفي نفسها من مهانة تسلم ورقة الطلاق عن طريق قسم الشرطة ,وذهبت مع أبي وأزواج شقيقاتي واجما فوجدتها مع أبيها جالسة مطأطئة  الرأس ترتدي فستانا أبيض كأنها تذكرني بثوب زفافها وذكرياتنا السعيدة وجمالها الحزين يشع في المكان ومرت الإجراءات التقليدية ففوجئت بها تصافحني ودموعها تنساب من عينيها ثم تقول لي لقد شققت بطني من أجلك مرتين وكنت على استعداد لأن أشقها مرة أخرى .. لكنك اخترت غير ذلك وظلمتني .. فليسامحك الله على ظلمك لي .. مع السلامة ..
فلم أستطع منع دموعي وهرولت خارجا وأثر في هذا الموقف فاكتأبت طويلا .. ثم بدأت ذكرياته تتراجع من رأسي شيئا فشيئا وعدت إلى شقتي وأعدت تأثيثها .. وعشت وحيدا عدة شهور , ثم تعرفت بمهندسة زميلة لي في العمل في الثلاثين من عمرها سبق لها الزواج وطلقت من زوجها لرفضه الإنجاب لأن له ابنا وابنة من زواج سابق وبسبب إجباره لها على إجهاض نفسها كلما حملت فوجدت فيها ضالتي وتعجبت من تصاريف القدر وتقاربنا سريعا ولم ألبث أن صارحتها بحبي وصارحتني بحبها , ثم خطبتها وتم زواجي الثاني بعد سنة من طلاقي وأنا في الثامنة والثلاثين من عمري وبعد عام من زواجي أنجبت طفلة جميلة سعدت بها سعادة طاغية .. وشكرت الله كثيرا وسعدت بكل لحظة في حياتي الجديدة وعرضت على زوجتي أن تتفرغ لبيتها فلم تتردد , واستقالت وتفرغت لي ولطفلتها .. ورشفت من رحيق السعادة معها ومع ابنتي حتى الثمالة .. حتى خشيت على سعادتي من غدر الزمان فبدأت أستقصي أخبار زوجتي السابقة من شقيقتي وأحلم باليوم الذي تتزوج فيه حتى لا تظل المرارة مستقرة في أعماقها تجاهي وحزنت حين عرفت أنها لم تتزوج وفضلت أن تعمل مدرسة انتظارا لشفاء نفسها من مرارة التجربة ثم شغلتني ابنتي الصغيرة بعد قليل عن أي شيء آخر وواصلت نجاحي في حياتي العملية واستقرت أحوالي المادية .. وأعطيت عملي كل جهدي وطاقتي وذات يوم كنت أشرف على أحد مشروعات الشركة في ضواحي القاهرة فأصبت بإغماء مفاجئ .. وحملني الزملاء إلى أقرب مستشفى حيث عالجني الأطباء وخرجت وفسرت الأمر بالإجهاد ..لكني بعدها بدأت أشعر بخمود غريب في جسمي , فذهبت إلى طبيب وبدأت دورة لا تنتهي من التحاليل والأشعات والفحوص وبعدها طالبني الأطباء بعدم الإجهاد وبالعمل بنصف طاقتي وبالالتزام بنظام غذائي وعلاجي مستمر .. والتزمت بتعاليم الأطباء إلى أن تكررت نوبات المرض وتلاحقت فقررت الشركة إيفادي للعلاج بالخارج .
وسافرت وحيدا ودخلت المستشفى وبدأت العلاج .. حتى جاء الموعد الذي سيبدي فيه الطبيب الكبير رأيه النهائي في حالتي فوجف قلبي لأن الأطباء في هذه البلاد لا يجاملون المريض ولا يعرفون الاعتبارات العاطفية التي تمنع أطباءنا من مصارحة المريض بحقيقة حالته .. وأرهفت أذني له فإذا به يصارحني ببساطة بحقيقة مرضي الذي أشفق الأطباء في مصر من مصارحتي به .. وبحثت عن صوتي لأسأله عن مدى سوء الحالة فأجاب بنفس الواقعية القاسية وبكلمات مقتضبة : أنها متأخرة جدا !
ثم طالبني بالبقاء تحت إشرافه 3 أسابيع إن استطعت أو بمتابعة العلاج مع أطبائي في مصر وهكذا سمعت حكم الإعدام الوشيك بأذني يا سيدي فغرقت في حزن عميق ثم قمت للصلاة في غربتي , واتصلت برئيسي في العمل وأبلغته فتأثر بما سمع .. وطلب مني البقاء تحت إشراف الطبيب والعودة بعد 3 أسابيع فمضت علي الدقائق ثقيلة وأنا سجين في أفكاري .. أتحاور مع نفسي وتتوالى الخواطر والصور على مخيلتي فأرى ابنتي وزوجتي وأبي وأمي وشقيقاتي وأتخيل وقع الخبر عليهم , بل وأرى زوجتي السابقة بجمالها الحزين وفستانها الأبيض يوم الطلاق .. وأتساءل هل سامحتني حقا أم أن مراراتها ما زالت في الأعماق فنالني من ظلمي لها ما نالني .. وأقترب في هذياني وحواري الباطني من حافة الخطر أحيانا فأتساءل _أستغفر الله_ لم إذن أنجبت إذا كان الرحيل مقدرا سريعا هكذا ؟ ! ...
هل لأترك زهرتي الجميلة لليتم قبل أن تتم عامها الخامس ! وما دام كل شيء بقضائه وبقدره .. لماذا لم يلهمني الله أن أبقي على زوجتي الأولى فأخفف من ذنوبي ومن همي بأمر طفلتي وأرحل خفيفا وحيدا بلا خسائر أخرى !
إنني أعرف أن الأعمار بيد الله وحده لكني أهذي وحيدا في غربتي وأحتاج إلى من يسمع تساؤلاتي ويجيب عنها فهل تستطيع ؟

ولكاتب هذه الرسالة أقول


كل إنسان يا صديقي مكتوب عمره بين عينيه هكذا جاء في المرويات أن الله سبحانه وتعالى قد أبلغ آدم حين أمره بالهبوط من الجنة . فلا تزد من أشجانك بهذه الخواطر الحزينة التي تعين مرضك عليك .. ولا تساعدك على مقاومته .. والإنسان قد تؤذيه هواجس نفسه أحيانا بأكثر مما تستطيع أمراض جسمه .. فأعن نفسك على مرضك ولا تسل عما لا تعلم ولا تملك من أمره شيئا فما أنت من جئت من عالم الغيب بهذه الزهرة الجميلة إلى الحياة وما أنت من اخترت لزوجتك الأولى ألا تنجب , ولا أنت تستطيع أن تجزم بأن زواجك منها لو استمر لم يكن ليحقق أمل الإنجاب لكما بعد حين فتأتي إلى الدنيا زهرة أخرى ربما في نفس الموعد .. وإنما قدر الله في كل الأحوال وكما شاء فعل .. ولا يسأل جل شأنه عما فعل وتجارب الحياة تعلمنا أننا إنما نفر من قضاء الله دوما إلى قدره لهذا نعيش حياتنا ونحن نعرف دائما أن الستار الأخير قد ينزل عليها في أي لحظة .. ولا يمنعنا ذلك من أن نحيا ونستمتع بأيامنا ونخطط للمستقبل ونزرع الأشجار أملا في أن نقطف ثمارها لهذا فلابد دائما من الأمل في رحمة الله وعدالته .
وهناك دائرة مجهولة يعجز طب الأطباء عن الاقتراب من حدودها هي دائرة الغيب الذي لا يعلمه سواه . وكم كذّب الغيب نبوءات الأطباء وعلم العلماء .. فلنثق إذن في أن من منحنا هبة الحياة هو وحده من يقدر على أن يستردها حين يشاء وأنه لا يصرح بعلمه هذا لغيره .
فهون عليك يا صديقي فربما تكون أطولنا عمرا ! وتخفف من إحساسك بالذنب لكيلا يتحالف مع أدواء جسمك عليك وأنت في النهاية وإن ظلمت زوجتك الأولى لست أول من ظلم قلبا أحبه جريا وراء أمل الإنجاب ولن تكون آخرهم وإحساسك هذا بالذنب رغم بعد الذكرى دليل جديد على نفسك الطيبة الخيرة يضاف بكل تأكيد الى سجلك النبيل في بر أبويك ..ورعاية شقيقاتك وهو سجل لا يضيع أجره عند من لا تضيع عنده الودائع وبعد كل ذلك فإنك لو أردت أن تبرئ ذمتك وتهدئ خواطرك مما تحسه من ذنب تجاه زوجتك الأولى فإني أنصحك بأن تكتب إليها من غربتك سائلا إياها الصفح الجميل عما جرت به المقادير بعد أن انقضى الآن كل شيء وسحب النسيان عليه ذيوله أو خفف على الأقل من مرارته , وكلي ثقة أنها لن تضن عليك به لأن من أحب إنسانا حبا حقيقا ذات يوم لم يكرهه ولو أساء إليه أو ظلمه ولم يرج له ضررا أو سعد بما يناله من آلام الحياة , فالحب الحقيقي قد يخمد وقد تذبل أوراقه ويموت كما تموت الورود لكنه يبقى دائما من أريجه القديم نفحة لا تسمح له أبدا بأن يتحول ذات يوم إلى كراهية حاقدة مدمرة ..فاطمئن تماما إلى أن قلبها الأبيض مثل ثوبها سوف يغفر لك ما جرى .. وسوف يتمنى لك الشفاء مخلصا , والتزم بتعاليم الأطباء بدقة وثق دائما بربك ولسوف تحمل لك الأيام ما تطيب له نفسك إن شاء الله ... إنه على كل شيء قدير . 

انشر
-

هناك تعليقان (2):

  1. الرضا نعيم الدنيا و النعمة لا تعرف قيمتها الا بفقدانها

    ردحذف
  2. رضوان الشوربجي3 أكتوبر 2020 في 10:07 م

    الرضا نعيم الدنيا و النعمة لا تعرف قيمتها الا بفقدانها

    ردحذف

;