السبت، 17 مارس 2012

4) رساله (خلاصة التجربة).عاندت الجميع وصممت على الزواج منه


قرأت رسالة العمر المسروق ، وتعاطفت معها وأثار ردك عليها فيّ الرغبة في كتابة تجربتي. ففي بعض العائلات في بلدنا لا يهم ان تكون البنت خريجة جامعة او معها دكتوراه فإذا تأخر بها سن الزواج افترض الاهل ان بها ما يعيبها ويصبح الضغط عليها فوق طاقة البشر ومن اسئلة وإهانة بل وضرب احيانا ورغبة من الاهل في تزويجها على اي وضع، والواضح هو ان كاتبة الرسالة قد تعرضت لما لا طاقة لها به من ضغط فرضخت في النهاية وتزوجت بمن لا تطيقه،
والنتيجة هي طفلة صغيرة لا حول لها ولا قوة شاء لها قدرها ان تنشأ بين ام واب متنافرين او مع ام دون اب او العكس وكل اختيار من هذه الاختيارات أمرُّ من الآخر.لهذا فإني ألومها في التسرع بالانجاب، لأنها بذلك قد ظلمت هذه الطفلة.
فأنا سيدة في السابعة والعشرين، تزوجت وانا في الحادية والعشرين ممن رفضه الاهل والاصدقاء وكل الناس للفروق الكثيرة بيننا اجتماعية ومادية وفكرية الخ ولكني كنت مؤمنة اني استطيع ان اغير منه وأقرب الفوارق التي بيننا، وعلى عكس ما فعلت هذه السيدة التي رضخت لارادة الاهل فقد عاندت الجميع وصممت على الزواج منه ورضخ اليّ اهلي في النهاية بعد حرب شعواء بيننا، ومرت الأيام واكتشفت الحقيقة الواقعية وهي انه لا يمكن لأحد ان يغير انسانا آخر تغييرات جذرية، لأن التغيير اذا حدث يكون سطحيا وكثيرا ما تعود ريما لعادتها القديمة. وبعد اول ستة شهور من الزواج تغير العاشق الولهان وتحول الى شخص مستغل ماديا لا ينفق على البيت وأنفق انا عليه بل واكثر من ذلك تفوق مصروفاته الشخصية راتبه. فأدركت انني قد اخطأت الاختيار وبدأت أتعامل مع حياتي بحذر، وكلما فاتحني في موضوع الانجاب تملصت منه بذكاء وكنت اقول له انه ليس لدينا من المال ما يكفينا نحن الاثنين بمفردنا، فكيف ننجب ونواجه الحيرة بعد ذلك؟؟ ولم يكن لديه رد سوى ان يغلق باب النقاش، وفي النهاية طلبت الطلاق وأنا في الخامسة والعشرين من العمر وعدت الى بيت ابي، وتم الطلاق في هدوء وشعرت بعده باضطراب نفسي شديد لتعجبي كيف يستطيع انسان ان يكذب ويتزوج لأسباب مادية. وبعد قليل وضعت كل همي في عملي ونجحت نجاحا كبيرا بالرغم من صغر سني وسعدت بالنجاح جدا وبأسرتي وأصدقائي القليلين وبحبي لهم وحبهم لي. وأكثر ما يسعدني الآن هو انني اشعر براحة الضمير. رغم انني اتوق لأن أكون أما، ولكن احمدالله الذي الهمني التفكير في عدم الانجاب الى ان اطمئن الى أن هذا الشخص هو الذي سأكمل معه مشوار العمر. فأنا الآن أشعر بأني ظلمت نفسي ولكني سعيدة بأني لم أظلم غيري بالانجاب، واستطيع الآن ان اطلق لقب المرحوم على زوجي السابق دون الشعور بذنب، لأنه بالفعل قد مات بالنسبة لي.
وخلاصة التجربة هي ان الانسان لا يتغير إلا اذا نبع التغيير من داخله، وانه لا يصلح الزواج بين من تكون هناك فروق كبيرة بينهم، والحب وحده ليس قواما للحياة، وانما يجب ان يسانده التفاهم والتقارب الفكري والنفسي، والكذب هو اول الطريق لفقد الاحترام، فإذا ضاع الاحترام استحالت الحياة. وفي نهاية رسالتي اقول لكاتبة رسالة العمر المسروق، انفصلي عن هذا الكاذب بأسرع ما تستطيعين لتعيشي في سلام، ان لم يكن في سعادة، بيت ابيك احق بك، وان لم تكوني تعملين فأسرعي بالعمل لأني وجدت فيه راحة اتمنى ان تجديها، ولا تندمي على اي تجربة، فأي يوم يمر بالانسان لا يجد فيه ما يتعلمه هو يوم ضائع من عمره، ولا تخافي لقب مطلقة فهو ليس وصمة عار لتخيفك كما ان اللقب اصبح متداولا للأسف وأصبح الكثيرون يحملونه فلا يخيفك ولا يضيرك فأنت ما زلت في الثالثة والثلاثين من العمر وما زال امامك الكثير لتحييه سعيدة بإذن الله.
ولكاتبة هذه الرسالة اقول:
 خلاصة التجربة الحقيقية هي ان الاعتماد على الهوى الجامح الذي لا تسانده عوامل التفاهم والكفاءة والتقارب في المستوى العائلي والاجتماعي والثقافي، لا يمكن ان يضمن وحده نجاح الزواج واستقراره.. ولا يمكن ان يسفر في النهاية إلا عن حسرة الندم والتسليم بكل ما انكره المرء خلال فترة الاندفاع العاطفي.. وتحدى به احكام العقل وصوت الحكمة من قبل، والمشكلة الحقيقية هي انه لا احد يسلم بذلك ابدا الا اذا اكتوى هو شخصيا بنار التجربة وصهرته خبرتها، فكأنما يصر دائما على ان يختبر لسعة النار بيده ليعرف انها محرقة، مع ان الجميع قد حذروه مرارا وتكرارا من الاقتراب منها واكدوا له انها حارقة، فإذا كان ثمة اختلاف في هذه القصة المتكررة.. فهو في انك بعد شهور قليلة من الزواج قد ادركت الحقيقة التي فشلت كل جهود الأهل لتبصيرك بها قبل الارتباط.. فأخذت حذرك على الفور ورفضت الانجاب من زوجك السابق وهيأت نفسك للاقرار بالخطأ والرجوع عنه دون خسائر انسانية تتعلق بأطفال حائرين بين أبوين منفصلين.. وبذلك انحصرت الخسائر في سنوات العمر القليلة التي استغرقتها هذه التجربة وهي خسارة في حدود الاحتمال. وقد لا تخلو بالرغم من ذلك من بعض الفائدة لأن من عرف من لا يصلحون له فلقد عرف بالتالي الصالح المنشود ومن حقه ان يأمل في ألا يكرر اخطاء تجربته السابقة في حياته المقبلة، غير ان ذلك لا يعطيك الحق يا سيدتي في تشجيع الاخريات على الطلاق وهدم حياتهن الزوجية وتعريض اطفالهن للتمزق بين آبائهم وأمهاتهم، كما لا يمنحك ايضا الحق في التهوين من التجربة.. واشاعة الجرأة النفسية على الطلاق وحمل لقب مطلقة كأنما هو من امور الحياة العادية.. ذلك لأن تهيب الطلاق والتردد امامه بل والجفول من حمل لقب المطلقة او المطلق إلا للضرورة الملحة.. هو في النهاية من اسباب الحفاظ على الحياة العائلية وبنيان الاسرة واستقرار كثيرين من الأبناء وليس من الصالح العام ابدا التشجيع على الطلاق او التهوين من شأنه بلا ضرورة خاصة اذا ترتبت عليه خسائر انسانية جسيمة على جبهة الابناء الصغار، فإذا كانت تجربتك قد انتهت بلا خسائر من هذا النوع فإن لكل تجربة ظروفها الخاصة واعتباراتها الأولى بالاهتمام عند النظر اليها، واذا كان هناك ما يستحق التوقف عنده بعد ذلك في رسالتك فهو محاولتك الموفقة لتعويض الاخفاق في الحياة الزوجية بالنجاح في العمل والتفوق فيه.. فلقد ذكرني ذلك بعبارة قرأتها مؤخرا في قصة اميركية على لسان زوجة انصرف عنها زوجها بعد عشرين عاما من الزواج ولم تكن قد مارست اي عمل من قبل فاضطربت حياتها اضطرابا شديدا ثم قررت في النهاية ان تؤلف كتابا عن تجربتها مع زوجها وحيرتها بعده.. فإذا بالكتاب يحقق نجاحا كبيرا ويصنع لها شخصية مرموقة، وتستدعيها محطات التلفزيون لمناقشتها في آرائها.. وسماع نصائحها للنساء الحائرات مثلها، ثم سئلت في النهاية عن خلاصة تجربتها فقالت:
- ان النجاح هو خير وسيلة للانتقام ممن رأوا انه لا فائدة فينا.. وانصرفوا عنا الى غيرنا..
وهذا صحيح.. ولكن بشرط ألا نسعى نحن بأقدامنا الى هدم المعبد لأوهى الأسباب.. وألا نغفل الأبناء من حساباتنا وتقديراتنا ونحن نفكر في حياتنا الشخصية.. وشكرا
انشر
-

هناك تعليق واحد:

  1. ن النجاح هو خير وسيلة للانتقام ممن رأوا انه لا فائدة فينا.. وانصرفوا عنا الى غيرنا
    (هذه هي خلاصة التجربة )

    ردحذف

;