الاثنين، 30 أبريل 2012

رساله (البحر الصامت)كيف اهرب انا من الجحيم واترك ابنائي فيه؟


قرات علي مدي سنين طويله باب بريد الجمعه‏,‏ وكم تمنيت ان اكتب لك عن مشكلتي‏,‏ لكن منعني ياسي من تغيير احوال زوجي‏,‏ الي ان قرات رساله‏(‏ حد الكراهيه‏)‏ وماتبعها من ردود سواء في رساله‏(‏ الثمار الطيبه‏)‏ او كلمه الدكتوره منار محمدي طه من نيويورك‏,‏ واحسست كم كانت الاخيره قاسيه في حكمها علي كاتبه رساله حد الكراهيه‏,‏ فانا ومثيلاتي ممن عشن نفس ظروف هذه السيده هن من يعرفن معني ان تعيش المراه وتتفاني في خدمه زوجها واولادها ولا تجد من زوجها في نهايه المشوار غير الجحود والاساءه‏,‏ فقد تزوجت منذ ما يقرب من خمسه وعشرين عاما‏,‏ زواجا تقليديا‏,‏ وكان زوجي جامعيا اراه يصلي‏,‏ فتوسمت فيه ان يكون رجلا متعلما يخشي الله في افعاله‏
,‏ فاذا به بعد زواجي منه بفتره قصيره ياتي بعصا وعلي سبيل المزاح وينزل بها ضربا علي‏,‏ وانا مذهوله لما فعل‏,‏ وكان كل ما فعلته هو ان جلست ابكي ولم يعلم احد من اهلي بما حدث‏,‏ فاذا بالضرب يتكرر بعد ذلك باستمرار‏,‏ وقبل ان افعل اي شئ اكتشفت اني حامل‏,.‏ فصبرت علي امل ان يهديه الله مع الايام‏,‏ فاذا به يزداد سوءا‏,‏ واصبح الضرب والسب باقذر الالفاظ هما اسلوبه في التعامل معي ومع اولاده الي جانب انه لايستمر

في اي عمل اكثر من سنه او اكثر قليلا‏,‏ وفي كل مره يبحث له اهلي عن عمل اخر الي جانب مساعدتهم الماليه لي ولاولادي‏,‏ وفي النهايه لا يلقون منه غير الكره‏,‏ ولا يسبني الا باهلي‏,‏ ويتعمد ان يرفع صوته حتي يسمعه الجيران‏,‏ لانه في نظره عندما يسمعون سبه وضربه لي تكون تلك هي الرجوله‏,‏ في حين انه شديد الجبن خارج المنزل‏,‏ اذا ما تعرض لاي موقف‏,‏ كما انه بخيل جدا واناني ولا يري في الدنيا شيئا سوي نفسه ومتطلباته من اكل وملبس‏,‏ واذا طلب منه الاولاد قميصا او بنطلونا او حذاء تكون المشكله‏,‏ لقد اصبح ابنائي جميعا في سن الشباب ولا يعلم عنهم شيئا ولا ما هي مشاكلهم ولا ماذا يريدون‏,‏ وهو يؤمن دائما بان الصوت العالي يجعل الجميع في حاله طاعه عمياء وما اعانيه الان هو ان اولادي جميعا اذا كان احدهم نائما وسمع اي صوت ينهض مفزوعا من نومه‏,‏ كما انهم يكرهون شيئا اسمه الزواج ولا يفكرون في الارتباط نهائيا‏,‏ لقد تحملت الكثير من اجل ابنائي‏,‏ وكنت ادعو الله دائما ان يهدي زوجي ويغير من احواله‏,‏ الا انه كلما تقدم به العمر يزداد جبروتا‏,‏ مما جعلني لا اكره شيئا في الدنيا قدر كرهي له ولسماع صوته‏,‏ وابنائي الان يرفضون استضافه اصدقائهم في

المنزل خوفا مما يحدث يوميا من افعاله المخزيه وما يزيد حيرتي واستغراب جيراني الذين يسمعونه يوميا انه خارج البيت يكون في قمه الذوق والادب خاصه مع السيدات‏,‏ فهو يتحدث معهن بكل رقه‏,‏ وممكن ان يستمر الحديث ساعه وساعتين‏,‏ اما في البيت فليس هناك اي حوار من اي نوع معي او مع الابناء‏,‏ وهو دائما من يتخذ القرارات‏,‏ واذا حاول احد منا التفاهم معه رفض المناقشه‏,‏ ومن ينطق بكلمه بعد ذلك يكون مصيره السب اوالضرب‏,‏ انني افكر الان في الطلاق منه‏,‏ واتمني ان اعيش ما تبقي لي من عمر بكرامه بعيدا عنه‏,‏ لكن ما يعذبني هو ابنائي‏,‏ اذ كيف اهرب انا من الجحيم واتركهم فيه‏..‏ فهل لديك حل؟


ولكاتبه هذه الرساله اقول‏: 
لخصت جوهر المشكله كلها في سطور رسالتك الاخيره التي تبررين بها رفضك للنجاه بنفسك من هذا الجحيم‏..‏ وهو انه يتعذر عليك ان تهنئي بالنجاه منه‏,‏ وابناوك يكابدون العيش فيه من بعدك‏.‏ فالحق انك تقدرين اذا رغبت علي الانفصال عن هذا الزوج الذي لايتعامل معك ومع ابنائه الا بالضرب والسباب الفاحش والايذاء المعنوي‏,‏ لكن مشاعرك كأم تكبل هذه القدره باغلال القهر بالابناء والحرص عليهم والرغبه في حمايتهم‏,‏ وهذا هو القهرالانساني الوحيد الذي يقبل به المرء راضيا ومحتسبا‏,‏ رحمة بابنائه وحرصا علي مصالحهم‏.‏

لكن هل يعني ذلك قبول الاذلال والايذاء البدني والاكراه المعنوي الي ما لا نهايه؟ لا ياسيدتي‏..‏ ان لكل شيء حدودا ينبغي له الا يتجاوزها‏,‏ مهما تكن الاسباب والدوافع والتطرف الشديد في اي شيء‏,‏ حتي ولو كان من الفضائل‏,‏ ليس من السجايا الحميده ولا مما يسر علي المرء حياته‏,‏ ولاشك انك قد افرطت في السلبيه مع هذا الزوج منذ البدايه المبكره‏,‏ حتي اعتاد الاستهانه بكرامتك الانسانيه‏..‏ والف الا يتعامل معك ومن ثم مع ابنائه الا بالعصا او السباب الفاحش‏,‏ الي حد ان اورث ابناءه الرعب لدي سماع اي صوت عال‏.‏ وقديما قال شكسبير العظيم في مسرحيته يوليوس قيصر علي لسان احدي شخصياتها‏:‏ لولم يكن اهل روما وعولا لما اصبح قيصر اسدا مفترسا‏!‏

ولهذا فانه لم يكن لك ابدا ان تتغاضي عن الضرب بالعصا ولو علي سبيل المزاح بعد ايام قليله من الزواج‏,‏ ولا به بعد ذلك بالاحري‏,‏ علي سبيل الايذاء المتكرر‏,‏ كما لم يكن لك ايضا ان تتعاملي مع زوجك هذا وكانه قدر لا حيله لك ولاهلك فيه سوي الصبر علي اذاه ومحاولة جبر كسوره وسوء تصرفه في حياته‏,‏ واعانته علي امره كلما تعثر في سوء تقديره ودون محاولات جديه لاصلاحه‏,‏ او الزامه علي الاقل حدود التعامل الكريم معك ومع ابنائه‏..‏ وايضا دون اشعاره بشكل او باخر بان لكل انسان قدرته علي الاحتمال التي لايستطيع تجاوزها‏..‏ والا فاض الاناء بما فيه‏..‏ وضحي بكل شيء في الحياه مهما غلا‏,‏ حمايه لنفسه من الاذي ونجاه بحياته من الجحيم‏..‏
فهل فعلت ذلك معه خلال رحله العمر‏,‏ ام اكتفيت فقط بالانسحاب الي داخلك واجترار كراهيته في صمت والنفور منه؟
وهل استعنت عليه باهله والعقلاء من ذويه اولا‏,‏ ثم باهلك بعد ذلك؟ بل وايضا بابنائك بعد ان بلغوا سن الشباب واصبحت لهم عقولهم التي تفكر ورؤيتهم للحياه؟
ان اي انسان مهما بلغ به حمقه لا يحتمل العيش وسط محيط ممن يغمرون له الضغينه والمشاعر السلبيه
وليس من صالح اي انسان ان يستشعر الكراهيه الصامته التي ينطوي عليها له من يعيش بينهم وهم اقرب البشر اليه‏..‏
واغلب الظن انه جهلا منه بما يدور حوله لايتصور ان زوجته وابناءه قد تدهورت مشاعرهم تجاهه الي حضيض النقمه عليه والكراهيه‏..‏ فهل اشعرته بان الاكرم له ان يحبه ابناوه ويحترموه لشخصه لا ان يتهيبوه خوفا من اذاه‏,‏ او احتياجا اليه
وهل اشعرته باهميه ان تحبه شريكه حياته وتجد في صحبته الامان والكرامه لا ان تنطوي له علي اسوا مشاعر البغض والضغينه؟
ان من صالح العلاقات الانسانيه ان يستشعر الانسان دائما قدرا صحيا من الخوف من ان يفقد الاخرين اذا هو افرط في الاساءه اليهم‏,‏ ذلك ان الاطمئنان الغافل الي انه لن يفقدهم ابدا مهما فعل بهم قد يغريه علي الاستهانه بهم‏..‏ وبعدم التحسب كثيرا لردود افعالهم‏...‏
واسرتك التي كانت تبحث دائما عن عمل جديد لزوجك كلما تعثر في عمله وتعينك علي امرك ماديا قادره بغير شك علي ان تكون ملجاك الاخير اذا فشلت كل الحيل لاصلاح زوجك او اقناعه بحسن معاملتك‏,‏ فلماذا تتعاملين معه اذن وكانما لا سند لك في الحياه ولا نصير؟
انني لا احرضك بذلك علي هجره‏,‏ لان قلب الام فيك لن يقبل بالتخلي عن ابنائك‏,‏ وانما اطلب منك فقط ان تستشعري قدرا ضروريا من العزه في نفسك‏,‏ حين تدركين انك لن تخرجي من بيتك هذا اذا اضطررت للخروج الي المجهول‏..‏ لكي يعينك هذا الاحساس فقط علي التماسك قليلا امام زوجك واكتساب بعض الصلابه في التعامل معه ولاعانته علي فهم حقائق الحياه الجديره بالاعتبار وانصاف زوجته وابنائه من نفسه‏...‏ بل وانقاذ نفسه كذلك من
 بحر الكراهيه الصامته المحيط به‏..‏ فهل يصعب عليك ذلك حقا؟

انشر
-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

;