: ولكاتبة هذه الرسالة أقول
هناك حقيقة نفسية نحتاج لأن نعرفها ونحسن التصرف ازاءها علي ضوء ادراكها وفهمها وليس عن جهل بها.. أما هذه هي الحقيقة فهي أن الرجل اذا استجاب لبعض عوارض مايسمي بأزمة منتصف العمر وتملكته الرغبة في أن يثبت لنفسه انه مازال الرجل القادر علي التأثير في الجنس الآخر, فإنه قد يتوجه بمحاولاته هذه إلي من يحطن به من النساء في دائرته العائلية القريبة بنفس القدر الذي قد يتوجه به ـ اذا أتيحت له الفرصـ لمن يعرفهن في دائرة العمل والصداقات, لهذا فإن تعامل المرأة المتزوجة مع الرجال من دائرة الأهل المقربين علي أساس أنهم أقرباء مبرؤون من رغبات الرجال الغرباء وبعيدون عن التأثر بنزواتهم وأهوائهم, خطأ مبدئي ينبغي الاحتراس منه.. لأن تغير نظرة الرجال لمن حولهم من نساء الأسرة أمر وارد من الناحية النفسية في أي مرحلة من العمر, ومن واجب الزوجة المحصنة ألا تنسي في تعاملها معهم أنهم وان كانوا من الأهل المقربين, إلا أنهم في البداية وفي النهاية رجال لهم بدواتهم ونزواتهم وأهواؤهم الجامحة في بعض الأحيان, ويقتضي ذلك منها ألا تركن إلي الثقة في عدم احتمال تغير نظرتهم إليها ذات يوم, وأن تلتزم في التعامل معهم بما تلتزم به من التحفظ الحكيم في التعامل مع غيرهم من الرجال, وأن تحذر التمادي معهم فيما يغريهم بها وبالاجتراء عليها بالمغازلة, ذلك أن بداية الخطأ في العلاقة بين المرأة المتزوجة والطامع فيها هو تقبلها ولو من باب الحرج لاعجابه بجمالها الجسدي, أو تجاوزها عنه بغير لفت نظره بالنظرة الصامتة.. وبملامح الوجه المتحفظة والمتجهمة إلي أنه قد طرق بابا لايحق له مهما كانت قرابته أو صلته بها, أن يطرقه ويكفي ذلك في بعض الأحيان وحده لأن يردع ذوي الحياء عن تكرار المحاولة, بغير الحاجة إلي صدام علني معهم أو اثارة زوابع عائلية غير مأمونة العواقب. أما السكوت علي كلمات الاعجاب بجمال المرأة المتزوجة من رجل أجنبي عنها اما تحرجا من احراج قائلها أو طربا لها فإنه يمثل بالنسبة له دعوة ضمنية للاستمرار في المحاولة ومواصلة اطلاق السهام المسمومة إلي أن تصيب الهدف, لا فرق في ذلك بين قريب وغريب ولا بين شاب ورجل في الستين, وبعض الرجال يتعاملون مع المرأة بمنطق الروائي الفرنسي جي*دي.موباسان الذي كان يقول ان المرأة قد تغفر للرجل مغازلته لها واعتراضه لطريقها, لكنها لاتغفر له أبدا اهماله لها أو عدم تأثره بجمالها!!
وهو منطق فاسد بغير شك.. يقابله المنطق الآخر الذي تؤمن به الفضليات من النساء والذي تعتبر معه المرأة المتزوجة محاولة أي رجل آخر لمغازلتها مع علمه المسبق بأنها زوجة لغيره إهانة صريحة لأخلاقياتها واتهاما معيبا لعفتها واخلاصها.. وشهادة علنية من جانبه بسوء ظنه في سلوكها ومبادئها, اذ لو كان ينطوي لها بالفعل علي ماتستحقه من احترام لأخلاقياتها ووضعها كزوجة وأم.. لما تصور إمكان تساهلها في هذه المباديء أو استعدادها للتجاوب مع غزله لها.. ومن هذا المنطلق يكون رد فعلها علي من يتهمها بسوء الخلق صاعقا ومكافئا لسوء ظنه بها, ويكون استياؤها منه بالغا وحاسما ولا يعطيه أية بارقة أمل في إمكان تكرار المحاولة.. ولايعني ذلك أبدا أن يكون رد الفعل هذا صاخبا أو ملحوظا من الآخرين, أو سببا في اثارة فضيحة عائلية.. وانما يعني فقط أن يكون صارما ومزيلا لكل شبهة في نفس المجتريء عليها بغزله ودعوته لها إلي الخطأ..
والمرأة قادرة دائما علي أن تصعق كل من يجتريء عليها ولو بنظرة واحدة منها توقفه عند حده.. وبتعبير الاستياء الصارم علي وجهها الذي ينبئه بأنه قد أخطأ الطريق من البداية.
أما التحاور معه ومحاولة اقناعه بأنها تحب زوجها وأولادها ولا تعول بغيرهم أحدا, فإنه لايمثل بالنسبة للمجتريء عليها سوي بداية طيبة للحوار حول الموضوع.. واشارة خاطئة إلي أنه موضوع قابل أصلا للمناقشة فيأمل أن تستمر المناقشة حوله وأن ينجح مع اطراد الحوار في أن يثقب جدار الرفض ذات يوم.. والنسمة الخفيفة التي تطفيء الشمعة هي نفسها التي تذكي النار كما يقول لنا الحكيم الفرنسي لاروشفوكو, ولهذا فإن مجرد تبادل مثل هذا الحوار بين زوجة محصنة ورجل أجنبي عنها انما يعني من حيث قد لاتشعر هي أنها قد رفعت بالفعل درجة العلاقة بينهما إلي مستوي الخصوصية الذي يسمح لهما بتبادل هذا الحوار السري الذي لايسعدهما أن يطلع عليه غيرهما.. حتي ولو كانت نية الزوجة صادقة بالفعل علي النتمسك باخلاصها والتزاماتها الأخلاقية, والإمام الشافعي كان يقول لأصحابه: نزهوا أسماعكم عن استماع الخنا كما تنزهون ألسنتكم عن النطق به, فإن المستمع شريك القائل..
لهذا فأنت ياسيدتي لست في حاجة لأن أناشد هذا الرجل العابث أن يكف أذاه عنك وان يرعي حرمة البيت الذي ائتمنه صاحبه علي دخوله, لأن كل ذلك لن يجدي معه فتيلا.. وانما أنت تحتاجين فقط إلي أن توقفي هذا الحوار الذي لاطائل تحته معه.. وان تصعقيه بنظراتك الغاضبة, وازدرائك له وتجنبك لرؤيته والترحيب به في بيتك سواء في حضور زوجك أو غيبته, وتفاديك أية فرصة يمكن أن يتحدث إليك خلالها حديثه المسموم هذا أو يقترب منك.. وسيكون ذلك أبلغ تأثير فيه من أي مناشدة من جانبي أو حوار آخر من جانبك عن حبك لزوجك واخلاصك له, فإن لم يرتدع عن غيه بعد كل ذلك فلا مفر من مصارحة زوجك بالحقيقة الكاملة.. ليري رأيه فيما يفعل قريبه.. ويتخذ من الاجراءات مايحفظ عليك كرامتك ويحميك من امن اجتراء هذا السفيه عليك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق