الأحد، 7 مايو 2017

رسالة (القرار)..سمعتها تردد هذه الكلمات .. وأنا لا أصدق نفسي

أكتب إليك للمرة الثالثة خلال فترة قصيرة ..فأنا يا سيدي الطبيب الشاب الذي نشرت رسالته منذ فترة قصيرة بعنوان
**************************************
**************************************
, والذي روى لك فيها أنه كان متزوجا ويعيش في سعادة مع زوجته وأطفاله إلى أن توفي صهري وذهبت زوجتي للإقامة مع أمها لفترة بعد الوفاة – فطالت فترة إقامتها معها ودعوتها للعودة إلى بيتها أكثر من مرة فرفضت إلا إذا كتبت لها جزءا من مالي تأمينا لمستقبلها ورويت لك أني فوجئت بهذا الموقف منها ..


ورفضت الاستجابة لشروطها وتم الطلاق وتهدم العش السعيد الذي لم يشهد أية أزمة من قبل قبل تلك اللحظة القاسية , ثم تحملت الصدمة وواصلت حياتي إلى أن وضع الله في طريقي سيدة فاضلة تزوجتها وسافرت معها إلى إحدى الدول العربية وعشت معها في سلام وسعادة وأنجبنا طفلة جميلة ..ثم فوجئت منذ فترة قصيرة برسالة من زوجتي الأولى تنبئني فيها أن أمها قد توفيت وأنها قد أدركت خطأها في حقي وحق أبنائها وندمت على هدمها لأسرتنا .
وتعرض علي أن أعيدها إلى عصمتي مع استمرار زواجي بزوجتي الثانية حرصا على صالح أبنائنا الذين لا ذنب لهم في وقوعها تحت تأثير أمها .
وقد كتبت إليك في رسالتي الأولى عن حيرتي إزاء هذا الموقف .. أسألك المشورة في أمري فأجبتني بأني في موقف محير فعلا ..وأنه من المواقف القليلة في الحياة التي يستوي فيها الخطأ مع الصواب على نفس الدرجة تقريبا لأني إن أعدت زوجتي الأولى حرصا على مستقبل أبنائي منها عرّضت حياتي الجديدة للخطر بعد أن استقرت وأثمرت ثمارها وأزهرت طفلة جميلة ..وإن رفضت إعادتها أضررت بصالح أبنائي منها ..و بالتالي فلا لوم علي إن قبلت عودتها أو رفضتها ثم انتهيت إلى رأي محدد هو أن أعرض الأمر كله على زوجتي الحالية قبل اتخاذ أي قرار ..فإن قبلت عودتها لك كان ذلك فضلا منها وكرما وتغلبا لمصلحة أبنائك من الأخرى على اعتباراتها الشخصية ..
وإن رفضت فلا لوم عليها ..ونصحتني في هذه الحالة بأن أتمسك بها وأن أعتذر للأولى حرصا عليها وهي من حققت لي السعادة والأمان وحرصا على مصلحة طفلتي منها .
وبعد نشر هذه الرسالة كتبت إليك رسالة شخصية أبلغتك فيها أنني سأعمل بمشورتك التي أنقذتني فعلا من حيرتي , لكني سأنتظر الوقت الملائم لمفاتحة زوجتي في الأمر , وكنت قد أخفيت عنها الصحيفة التي نشرت بها المشكلة ثم انتظرت حتى جاءت اللحظة المناسبة ..فأخرجت الصحيفة من مخبئها وقدمتها لها وأخبرتها بالموضوع كله وطلبت منها أن تقرأ ردك على المشكلة وقرأت زوجتي المشكلة ..وطلبت منها ألا تتسرع في إبداء رأيها وأن تفكر في الأمر بروية ثم تصارحني بعد ذلك بما يدور داخلها ..وأكدت لها أني سألتزم بقرارها في هذا الموضوع بلا غضاضة .
فأطرقت زوجتي قليلا ثم قالت لي أنها معجبة بصراحتي معها في هذا الأمر ..وأنها تحمل لك شكرا وعتابا ..أما الشكر فلأنك اهتممت بالمشكلة وحللتها من كل جوانبها ..وأما العتاب فلأنك كما تقول زوجتي قد ألقيت بالعبء كله على ضميرها هي وحدها ..في أن تجمع بين أب وأبنائه وزوجته الأولى .. أو أن تفرق بينهم جميعا وهي مسئولية ثقيلة محتاجة إلى تحكيم الدين ومراعاة الله فيها وانتهى الحديث عند هذا الحد .
وعشنا حياتنا العادية ..ولم أشعر بأي تغير من ناحية زوجتي ولا أي تقصير في أداء واجباتها كزوجة وأم .
وبعد فترة مناسبة من التفكير في الموضوع أبلغتني زوجتي بقرارها , وأحب أن أعرضه عليك بكلماتها هي لقد قالت لي زوجتي وهي كما قلت لك في رسالتي الأولى خريجة كلية علمية عملية وحاصلة على أعلى الدرجات وتعمل :
إن طاعة الزوج فرض على كل زوجة فيما لا معصية فيه لله , وأن طاعة الزوجة لزوجها مقدمة على طاعتها لأهلها وأنها من أسباب كل زوجة للتوسل إلى نيل رضا ربها ودخول جنته , وإن الله قد أحل للرجل أن يتزوج من أكثر من زوجة لضرورات معينة في صالح البشرية بشرط أن يعدل بينهن , وبناء على ذلك فهي تقبل أن أُعيد إلى عصمتي زوجتي الأولى مراعاة لمصالح أبنائي منها , وواثقة من أني سوف اعدل بينهما , ومؤمنة بأن طاعتي في هذا الأمر والصبر عليه مع الالتزام بالقيام بواجباتها نحوي ونحو بيتها وأسرتها يقربها من ربها وينيلها جائزته في الدنيا وفي الآخرة .
هذا هو يا سيدي قرار زوجتي في المشكلة التي حيرتني عدة أسابيع وشغلت ليلي ونهاري .
وقد سمعتها تردد هذه الكلمات .. وأنا لا أصدق نفسي .
ثم طلبت أنا منها مهلة لأبلغها بقراري بعد أن عرفت قرارها .
وفكرت في الأمر أياما وأياما ..وبعد تفكير طويل انتهيت إلى قرار قد يبدو مفاجئا لك ..وهو لن أستطيع أن أُعيد مطلقتي إلى عصمتي ..لأني كلما فكرت في الأمر تذكرت إساءتها لي وهدمها لعشنا وتمزيقها لأبنائنا ..بلا أي مبرر , وبالتالي فإني لو أعدتها فلن أستطيع أن اعدل بينها وبين زوجتي الثانية وسأظلمها وسأظلم نفسي ..وأبوأ بغضب ربي لأني لم أعدل معها .
وهكذا قررت ألا أُعيد مطلقتي , وأبلغت زوجتي بذلك , وسوف أبلغ مطلقتي به خلال أيام ..ورأيت أن أكتب لك بقراري لكي تعرف ما تم في أمري ولكن تنصح كل زوجة بأن تحافظ على زوجها وأسرتها وأولادها قبل فوات الأوان ..وأن تخلص في طاعة الله فلا تعرض أولادها لمثل هذه المحنة ثم تندم على ما فعلت حين لا ينفع الندم ..كما أرجو أن تنصح أيضا كل أم ألا تتدخل بسوء في حياة ابنتها مع زوجها ..وألا تكون عونا للشيطان على هدم بيت ابنتها وتشريد أطفالها كما فعلت معي حماتي ..سامحها الله وعفا عنها ..وشكرا لك , والسلام .

ولكاتب هذه الرسالة أقول :

قدّر الله وكما شاء فعل . لقد قلت لك من قبل أن أيُّما قرار تتخذه في هذا الأمر ..فسوف تكون له مبرراته وأسبابه المقبولة ..ولقد كنت تستطيع أن تكون إنسانا متسامحا ومضحيا من اجل أبنائك من مطلقتك بصفحك عنها وإعادتك لشملهم بين جناحيكما بعد أن أذنت لك زوجتك العظيمة بذلك ..لكني لا أستطيع أن ألومك أن لم تفعل فليس كل إنسان بقادر على نسيان الإساءة خاصة إذا جاءته ممن كان يعتبرهم ظُهراءه في الحياة وسنده فيها ..أو إذا ترتب عليها هدم أسرة وتشريد أبناء أبرياء لسبب دنيوي حقير كذلك السبب .

لهذا قلت لك في ردي عليك استفت قلبك أولا وبعد أن تطرح الأمر على زوجتك فإن أفتاك بقدرتك على الصفح كان خيرا وأبقى ..وإن أفتاك بغيره فلا تثريب عليك , وفي كلا الحالين فلقد رد إليك هذا الاختبار اعتبارك بعد الإساءة التي لحقت بك من زوجتك الأولى , وزادك معرفة بجوهر زوجتك الحالية الأصيل واستمتعنا نحن بقراءة كلماتها الجميلة المعبرة عن فهم راق وسام للحقوق الزوجية والواجبات الدينية ولثقل الأمانة على الضمير الحي .


فعسى أن تستفيد بكلماتها كثيرات .وعسى أن تستفيد ويستفيد بعبرة رسالتك كثيرون ممن يندفعون وراء أهوائهم بلا روية ويهدمون معابدهم ويشردون أبنائهم ..ثم لا يستبينون الرشد إلا ضحى الغد ..!
انشر
-

هناك 5 تعليقات:

  1. اللي معاه زوجة مثل الزوجة الثانية فقد ملك الدنيا
    ما شاءالله

    ردحذف
  2. الخيرة فيما اختاره الله سبحانه وتعالى

    ردحذف
  3. رضوان الشوربجي27 أكتوبر 2018 في 11:32 ص

    احسنت القرار و زوجتك الثانية جوهرة مكنونة

    ردحذف
  4. هذا الرجل يفكر من جانب واحد ... وناسى فلذات اكباده

    ردحذف
  5. ربما يكون قرارك صائبا في حق زوجتك الأولى لكن هل كان صائبا في حق أولادك

    ردحذف

;