أرجو ان يتسع صدركم لمشاركتي مشكلتي العائلية, وان تساعدوني
برأيكم فيما أعانيه في حياتي, فأنا طبيب أبلغ من العمر54 عاما وقد نشأت في
أسرة فقيرة جدا, وتوفي والدي العامل بإحدي المؤسسات الحكومية وانا في الخامسة
عشرة بعد صراع مرير مع المرض, وتولت والدتي تربيتي وشقيقاتي البنات الثلاث حتي
أتممنا دراستنا الجامعية, ولا يخفي عليكم كم عانت والدتي وهي تواجه الحياة
ونفقات تعليمنا بمعاش ابي الهزيل, وفي عامي الأخير بالكلية تعرفت علي زميلة لي
لها نفس ظروفي الاجتماعية وحظها من الجمال بسيط, وجمعنا الفقر والمعاناة فأحببنا
بعضنا واصبحنا لا نفترق, وعرفتها بأسرتي واستقبلوها بترحاب وفرحة, ولكن اهلها
رفضوا بشدة مبدأ ان تتزوج ابنتهم انسانا فقيرا, غير أننا اصررنا علي الزواج وتم
زواجنا بالفعل
علي أسنة الرماح واقمنا في سكن حكومي بالوحدة الصحية التي عملنا بها وكان كل جهازنا في بيت الزوجية دستة اطباق ودستة ملاعق وملاءتين للسرير فقط ومع ذلك فلقد كنا في منتهي السعادة.
وبعد عام واحد من الزواج اكتشفت ان زوجتي التي اكن لها حبا عظيما ليست إلا قنبلة موقوتة او بركانا قابلا للثورة في اي وقت وأمام أي شخص ولأتفه الأسباب, ويرمي بحممه في كل الاتجاهات دون أي محاذير أو ضوابط, ولقد انفجر هذا البركان حتي أمام امي وشقيقاتي اكثر من مرة فساءت العلاقة بينهن واصبحت امي وشقيقاتي هن الهدف الرئيسي لحمم البركان حتي ولو كانت ثورة البركان لأي سبب آخر لا علاقة لأسرتي به.
وبعد نحو أربع سنوات من زواجنا حصلنا علي عقد عمل باحدي الدول العربية وبدأت حالتنا المالية تتحسن ورزقنا الله بولد وبنت, حاولنا تربيتهما أفضل تربية, ولكن كان هناك دائما اختلاف في وجهات نظرنا تجاه تربية الأولاد. فأنا أومن بأهمية الشدة والحزم معهما احيانا اذا تتطلب الأمر ذلك وهي تؤمن بحرية الأولاد المطلقة وبأنه لا مكان علي الإطلاق للشدة والحزم, وخوفا من ثورة البركان فقد كنت اتنازل لها عن كل شيء يتعلق بتربية الابناء وكانت النتيجة ان الابن الكبير ضحي باحدي كليات القمة للالتحاق بأحد المعاهد الفنية, ولم اعترض بل باركت ما فعل, ومع ذلك فهو متعثر في دراسته و أدمن شرب الخمور أما الابنة فإنها عنيدة بشكل رهيب وورثت طبع أمها البركاني تجاه كل الناس, ففقدت القدرة علي تكوين صداقات, ومرت بنا سنوات العمر علي نفس المنوال.. ثورات بركانية رهيبة لا تبقي ولا تذر لأي اختلاف بسيط في وجهات النظر, ولا أخفي سرا انني في بداية زواجنا كنت أتفاعل مع هذه الثورات حتي مددت يدي عليها مرتين أو ثلاثا دفاعا عن نفسي ولمنع ايذائها البدني لي أو نتيجة لاستثارتها وإهانتها الشديدة الشديدة لي ولأهلي بلا أي سبب, وكانت بعد كل ثورة بركانية منها أو بعد كل انفجار قاتل تقوم بمنتهي العذوبة بمحاولة مصالحتي, ومرات أرفض التصالح واترك المنزل لعدة أيام وأقيم في منزل والدتي حتي تصفو نفسي, وفي أحيان أخري كنت اقابل مصالحتها لي بأحسن منها.
وبعد ان تحسنت حالتنا المالية قمت بشراء شقة فخمة في احد احياء القاهرة الراقية بدلا عن الشقة المتوسطة باحدي المدن بمحافظتها, واصرت زوجتي علي كتابة الشقة الفاخرة باسمها ووافقت في الحال وحين اشترينا بعد ذلك فيلا صغيرة في احدي المدن الجديدة اصرت علي كتابة نصفها باسمها ووافقت كذلك دون اي مناقشة, كما أصرت ايضا علي ان تكون السيارتان باسمها وكذلك الأموال السائلة ولم اعارض لأني علي علم أن حبنا مازال قائما رغم كل ما نعانيه, ولأنه لا رغبة عندي في الثروة او التملك فكل ما أجمعه من ثروة هدفه الوحيد اسعاد ابنائي بعد مماتي.
وهكذا مضت حياتنا طوال الأعوام السبعة والعشرين وفي كل مرة كانت تنفجر فيها كانت تعيد علي مسامعي كل ما حدث مني تجاهها في الماضي, مكررة في كل مرة أنني قد اعتديت عليها بالضرب ذات يوم منذ عشرين عاما ولا تذكر سبب اعتدائي عليها, وتقوم خلال انفجارها بسبي بأبشع الألفاظ وكذلك سب شقيقاتي وأمي رحمها الله, ومنذ15 عاما اصبحت لا اتفاعل علي الإطلاق مع انفجارها وإنما اغادر المنزل لفترة قصيرة وأعود حين تهدأ أعصابها أو أغلق علي نفسي احدي الحجرات أو أقوم بوضع قطعة القطن في اذني حتي لا أسمع ما تقول, وفي كل انفجاراتها طوال27 عاما كانت تصر علي ان تكون فضيحتنا علي الملأ وتقوم بفتح كل النوافذ علي مصراعيها, وحين أقوم بإغلاقها تفتحها مرة أخري, وتقف بالنافذة وتصرخ وتسب بكل ما أوتيت من قدرة علي الصراخ حتي اصبحت سيرتنا علي ألسنة الجيران, في الحي الراقي الذي نسكنه, وكل هذا وانا لا أرد بكلمة واحدة حتي لا تزداد ثورة وعنفا, غير أن ما حدث في الانفجار الأخير للبركان لم يخطر لي علي بال أو فكر أو توقع من قبل, فقد كنا قبل امتحانات الأولاد بحوالي3 أسابيع وكان المفروض انه بعد اسبوع بالضبط سوف نستقبل أحد الشباب مع أهله لطلب يد ابنتي وهو شاب ممتاز يعمل في مهنة مرموقة ويشهد له الجميع بمستقبل باهر في مهنته, ولقد قابلني وزوجتي واتفقنا معه علي حضوره مع اهله لإتمام الاجراءات المعروفة وتحديد موعد لخطبة ابنتنا له, ولكن قبل7 أيام فقط من هذا الموعد وكان يوم جمعة صحت زوجتي من نومها متعكرة المزاج وبدأت الأبخرة والغازات التي تسبق الانفجار في التصاعد بشكل سريع جدا وبدون أي اسباب علي الإطلاق وجاءت لحظة الانفجار الرهيب حين رأت ابنتنا تتصفح الجريدة اليومية فانفجرت فيها متهمة إياها بأنها تشبه اباها في اضاعة وقتها في قراءة الجرائد والكتب, ثم بدأت الحمم في التناثر في كل اتجاه وأصابت كالعادة شقيقاتي وأمي رحمها الله, ونالتي من الحمم أكثرها إيلاما مع ذكر كل ما مرت به من مآس وصعاب خلال رحلة الأعوام السبعة والعشرين وانتابتها حالة هياج عصبي شديد, وأنا لا أقوم سوي بمحاولة تهدئتها مذكرا إياها بالعشرة والحب, طالبا منها أن تتقي الله في نفسها قبل اتقائه فينا.. فما كان منها إلا أن ألقت بالقنبلة القاتلة في وجهي خلال هياجها فقالت لي أمام ابنائنا انها كانت تخونني في كل مرة كانت تحس فيها بالإهانة ولما لم أصدق أذني كررت نفس الكلام أمام ابننا البالغ من العمر23 عاما وابنتنا البالغة من العمر20 عاما وأسقط في يدي ولم ادر ماذا أفعل كرد فعل لما تقوله وأصابني الذهول مما اسمع حيث كنت أتوقع منها أي شيء إلا هذا, خاصة وانني لم أشك لحظة واحدة طوال سنوات زواجنا في أي سلوك من جانبها, فضلا عن انها علي درجة كبيرة من التدين وتؤدي كل فرائض دينها وتفعل الخير الكثير للآخرين.. وبعد أن عدت إلي تفكيري المنطقي بعد لحظات الذهول الأولي ادركت انها محاولة منها لإيلامي كعادتها في كل مرة, ولكن هذه المرة كانت مدمرة, ودخلت غرفتي لترتيب افكاري والوصول إلي قرار بشأن ما قالته.. ثم استقر رأيي علي إبلاغ أخواتها بما حدث منها واستدعائهم من المحافظات البعيدة التي يسكنون فيها لمحاولة معرفة أسباب قولها الخطير هذا, وبعد نحو نصف ساعة اتصلت بها احدي شقيقاتها تليفونيا تستفسر منها عما حدث وتوصيها بتقوي الله في نفسها واسرتها, وفوجئت بردها علي أختها وكنت بالمصادفة موجودا أثناء المحادثة فقد قالت لاختها أنها لا تدري كم مرة طاوعت الشيطان وكم مرة قاومته. وهنا وسوس الشيطان لي إنها قد تكون صادقة فيما قالت بالرغم من استبعادي لهذا الفعل منها, وحضرت أخواتها وحاولن إفهامي انها كانت تغيظني
فقط بهذا القول وجئن بها أمامي وقالت إنها لم تكن تعني ما قالته, ولكن كل هذا لم يجد نفعا معي فقد ركبني الشيطان وتملكتني الوساوس, وفي محاولة مني لوضع حد لهذا العذاب فقد طلبت منها أمام أخواتها أن تقسم علي كتاب الله بأن كل ما قالته كان غير حقيقي ولكنها رفضت نهائيا القسم بحجة أن في هذا اهانة لها وان القسم معناه أنني أشك فيها, وهذا أمر مرفوض فأصررت علي موقفي, فما كان منها إلا أن غادرت المنزل إلي منزل آخر لنا ومعها الأبناء, وبعد ذلك حاولت استرضائي كعادتها بعد كل انفجار بركان, لكنني رفضت تماما إلا إذا أقسمت بأن كل كلامها كان غير صحيح ومازالت ترفض القسم حتي الآن.
إنني أعتقد إلي حد كبير أنها لم تكن تعني ما تقول ولكن تلك الوساوس تتملكني وانا علي ثقة تامة بأنها لن تقسم علي كتاب الله كذبا, وأنا الآن في حالة يرثي لها من حيث شكوكي فيها وضاقت السبل أمامي وأصبحت أعتقد أن الحياة لا تستحق أن نعيشها, حيث إن كل أمالي في أسرة هادئة سعيدة ناجحة لم يتحقق أي شئ منها بسبب تعنت زوجتي وعواصفها البركانية.. لقد تحملت كل انفجاراتها طوال27 عاما, فهل يكون جزائي بعد كل ذلك هو ايلامي بهذا الشكل, وهل هذا جزاء الوفاء والإخلاص والتفاني والتحمل؟ انها الآن تطلب الطلاق لأني أشك فيها بعد ما قالته وبسبب اصراري علي أن تقسم بالله وأنا لا اتخيل بيتي محطما خاصة ان الطلاق سوف يؤدي الي ضياع مستقبل الأولاد خصوصا مع تعثر ابني في دراسته وأيضا إبنتي الأن في سن الزواج, فكيف يكون موقفها أمام خطيبها اذا حدث الطلاق بين ابيها وامها بعد27 عاما من الزواج ارجو ان تساعدني في التفكير واتخاذ القرار مع عظيم شكري وتقديري لك مقدما.
ولكاتب هذه الرسالة أقول:
قد يكون لزوجتك بعض الحق في أن تغضب لكرامتها وتستشعر الإهانة, إذا كنت قد بادرتها بالشك في وفائها لك دون آية شواهد يمكن أن تثير مثل هذه الشكوك, أما أن تعلن هي علي رءوس الأشهاد وأمام أبنها الشاب, وهي في قمة ثورتها البركانية أنها كانت تخونك كلما شعرت بالإهانة من جانبك لها, وتتعلل بعد ذلك بأنها لم تكن تعني ما تقول, وتدافع عنها شقيقاتها بانها كانت تقصد إيلامك وإغاظتك في حمأة استسلامها لشياطين الغضب, وترفض هي أن تطمئن خواطرك بالقسم علي كتاب الله علي كذب ما ادعته علي نفسها, ثم تغضب بعد كل ذلك لأن طائفا من الشك في إخلاصها قد ألم بك؟ فهذا مالم اسمع به من قبل ومالم أتعامل معه علي كثرة ما تعاملت مع هموم البشر, وعرفت ولمست من غرائب النفس البشرية!
فالمرأة السوية اذا استسلمت مرة لشياطين الغضب قد تحاول إيلام زوجها بأي وسيلة إلا أن تقترب, وهي في قمة غضبها من المنطقة المحرمة, وهي منطقة الشرف.. شرفها هي أولا ثم شرف زوجها من بعدها, ولقد تدين نفسها بكل سبة, لكنها وأبدا لايمس شرفها وشرف زوجها علي هذا النحو الذي يكشف عن طبيعة سادية شديدة القسوة.
أما غضبها بعد ذلك لمجرد استسلامك لبعض وساوس الشك في أن يكون ما صرحت به في عنفوان ثورتها عليك صحيحا, وليس كما تقول شقيقاتها فليس إلا نوعا من التجبر والكبرياء الجوفاء التي لا سند لها من الواقع والحقيقة.
ولو كان لدي زوجتك أي قدر من الحكمة لأدركت أنها قد أخطأت بما قالت خطأ لاتغسله مياه البحر, ولا يجدي شئ في تبريره حتي ولو كانت الرغبة السادية في الإيذاء النفسي لزوجها.
بل ولأدركت كذلك أن من حقك أن تتردد بعض الوقت بين تصديق ما صرحت به عن نفسها, وبين الاقتناع بأنه ليس سوي حلقة جديدة ولكن مبتكرة في محاولة إيلامه وجرح كرامته وإشعاره بالهوان معها ولعرفت كذلك انك لو لم تفعل ذلك وتفكر في هذا الأمر بجدية لكنت مفرطا في كرامتك كرجل وكزوج, ولنهضت لإزالة أسباب هذا الشك من نفسك بكل الحيل ولو تطلب الأمر أن تقسم علي مصاحف الدنيا كلها, ليس فقط تهدئة لخواطرك, وإنما أيضا صيانة لشرفها وكرامتها, واستردادا لاعتبارها أمام ابنها الشاب الذي أصابت كرامته في مقتل بهذا التصريح الشائن.
والحق أنني لا أري فيما حدث, سواء كانت صادقة أو كاذبة فيما ادعته علي نفسها, الا فصلا جديدا من فصول القهر النفسي التي تعيشها معها منذ زواجك منها, فأنت مقهور معها منذ زمن طويل وتحملت منها الكثير والكثير حتي اعتادت منك الخنوع التام, فما أن حاول عقلك التمرد مرة واحدة, وطلب الدليل علي عدم صحة ما قالته عن نفسها, حتي انتفضت غاضبة وهي الملوم في الأصل وهجرتك وطلبت الطلاق, فبأي منطق تفكر هذه السيدة؟
وبأي شريعة تستحل مالك وأملاكك التي قهرتك علي تسجيلها باسمها دون اعترض من جانبك؟
يا سيدي أنني أري لك أن تتمسك بموقفك وبمطلب القسم علي كتاب الله أمام جميع أفراد أسرتها لكي تزيل هي آثار الشك الذي بذرته في نفسك بتصريحها المعيب ذاك, وبأن تتنازل عن تجبرها وكبريائها الأجوف وتخضع لعلاج منتظم لدي طبيب للأمراض العصبية يحاول أن يخلصها من نوباتها البركانية أو يقلل من معدلها أو يخفف من أثقال حممها وشظاياها, فإن لم يكن هذا ولا ذاك.. فلترد عليك أملاكك ومالك بعد استقضاء حقوقها الشرعية كاملة.. ولتطو أنت هذه الصفحة من حياتك وتضع كلمة النهاية غير نادم لحياة زوجية لم تكن مودة ولا رحمة, وأما الخوف علي مستقبل الابن المتعثر في دراسته, وحرج الابنة الشابة أمام خطيبها وأصهارها اذا أنفصل أبواها في هذه المرحلة من العمر, فهو حرص حميد علي صالح الابناء لكنه ينبغي له ألا يقتصر علي أحد الأبوين دون الآخر, بل إن الأولي بالهم به هي الأم التي ينبغي لها أن تكون عماد الأسرة وحاميتها من الانهيار والكوارث.. ولله الأمر من قبل ومن بعد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق