السبت، 18 أغسطس 2012

رســـــــاله (الظـل الظليل ) أكتب هذه الكلمات لأكرم بها زوجتي



منذ أعوام وأنا أفكر في الكتابة إلىك وقد شجعتني على الكتابة مأساة صاحب قصة 
 
(السهام النارية)

 
التي نشرت منذ أسابيع فأردت أن أصحبك إلى حديقة غناء وارفة الظلال لتنعم معنا بظلها الظليل بعيدا عن مشاكل الهجر، والخديعة والطلاق ومشاكل الأزواج والزوجات والأبناء!.. 
فأنا رجل تجاوزت السبعين من عمري ومتزوج من ثلاثة وأربعين عاما ومازلت أعيش شهر عسل متصل مع زوجتي ومازلنا ننعم بدفء الحياة العائلية وكأننا في مستهل حياتنا الزوجية .
 
إن حياتي وحياتها نغمة حلوة في لحن الوجود، بسمة عذبة في فم الزمان ! ونحن بفضل الله أسعد زوجين وأهنأ حبيبين وأصدق صديقين وأخلص عاشقين حتى ونحن في خريف العمر الذي نحسه ربيعا متجددا !!
 


لقد كان زواجي تقليديا، فهي ابنة عم صديقي الذي عرفته منذ أكثر من نصف قرن ومازلنا نتذوق معا عطر الصداقة الندي، كما أنها أيضا شقيقة زوجته، وقد تعرفت علىها وعلى أسرتها خلال دراستي الجامعية وأعجبت بها، ولم يكن بوسعي التقدم لخطبتها، لكن صديقي استطاع بمهارته وقدرته أن يحجزها لي دون إعلان رسمي . رغم كثرة خطابها والراغبين في الزواج منها .
 

وكانت تعمل مدرسة .. فاستقالت من عملها بعد إنجابنا الإبن الأول .. وكان هذا إتفاقي معها في أثناء فترة الخطبة ووافقت بلا تردد .. ورزقني الله والحمد لله بثلاثة أبناء وابنة واحدة هي تفاحة القلب وريحانة العمر !..
 

وبعد ثلاث سنوات من الزواج عاش معي شقيقاي خلال المرحلة الثانوية وأحدهما الآن طبيب ناجح في تخصصه والثاني موجه للغة الإنجليزية، كما عاش معي أيضا ابن شقيقي وهو الآن في كندا بعد حصوله على الدكتوراه، وقامت زوجتي برعايتهم جميعا بكل الود والحب والاخلاص، وماضاقت بهم ولا تبرمت منهم يوما ولا أثارت مشكلة بسبب وجودهم معنا، ولم يكن عندنا يومها من الأجهزة الحديثة إلا بوتاجاز المصانع الحربية ذو الشعلتين ونصف الشعلة .. بل زوجة شقيقي الطبيب تعاقدت على العمل بإحدي الدول العربية وتركت لها طفلها البالغ من العمر أقل من ثلاث سنوات فعاش معنا عاما كاملا من أحلي سنوات عمره وعمرنا أيضا !..
 

وعين شقيقي الثاني مدرسا بالمدينة التي أسكن فيها وعاش معنا بضع سنوات حتى زواجه !.. وكل هذا في ترحاب صادق وود عميق وبلا تأفف أو ضجر أو حتى شكوي هامسة بيني وبينها !! فلا عجب أن عاشت زوجتي ملكة متوجة في عائلتي، فقد أغدقت علىهم من صفوها وحبها الكثير فأحبها الجميع وأحبت الجميع . تشاركهم وهي سعيدة أفراح بناتهم وأبنائهم وتبيت الليالي في بلدتي لتعد لهم متطلبات الأفراح واشتهرت بين الجميع بزغرودتها العذبة الطويلة !.. وتعود مرضاهم وتشاركهم أحزانهم تواسيهم في كل ما يعترض حياتهم من مشاكل وعلاقاتها بجيرانها وثيقة، فهي موضع أسرارهم واحترامهم وتتبادل معهم المجاملات في كل المناسبات !.. وقد حدث أن مرضت أمها فتحملت زوجتي أعباء طلبات أسرة أبيها، فكانت تطهو الطعام وتسرع به إلى والديها بعد عودتي من العمل ولا تعود إلا بعد تناول الطعام وشرب الشاي وغسل الأطباق وبعد أن يأويا للفراش للاستراحة، وتعود لي وللأبناء بعد عودتهم من المدارس لنتناول معا طعام الغداء، وظلت على هذا المنوال بضع سنوات رغم أنه كان بالمدينة شقيقتان لها ولكنها تحملت وحدها هذا الواجب المقدس وهي سعيدة ونحن أيضا سعداء، كما عاش معنا والدها بعد وفاة والدتها قرابة خمس سنوات عاشها معنا كالنسمة الرقيقة .. حتى أننا ماكنا نحس بوجوده معنا وكثيرا ما اختلفنا شأن كل الأزواج، لكن هذ
ا كان يحدث بعيدا عن حجرة الأبناء، وكان الخلاف لايستمر سوي بضع ساعات أو بضع دقائق ويتم الصلح،ونحن لاندري من الذي بدأ الخصام ومن الذي بدأ الصلح .. فمجرد كلمة صافية أقولها أو تقولها هي كافية ليذوب كل شئ وكأن شيئا لم يكن . ولقد رأيت أن أكتب هذه الكلمات لأكرم بها زوجتي وأشكرها على كل ما قدمت لي طوال 43 عاما .. فهل تري ذلك كثيرا علىها . 
 
ولكاتب هذه الرسالة أقول : بل إن من واجبك أن تشهد لزوجتك هذه الشهادة الطيبة تحية لعشرة 43 عاما من الصفاء والمودة والظل الظليل الذي أفاء علىك وعلى كل من اقترب من حياتكما على مر السنين . فهي شهادة حق كتمانها إثم .. وإعلانها شكر للعلى القدير على نعمته وتوفيقه .. وإقرار لشريكة الحياة بدورها المهم في الحياة وعطائها وجميل رفقتها . 

ومن الناس من يعيشون في الحياة كالشجرة المثمرة وارفة الظلال تفئ على من حولها بالظل وحلو الثمر .
 


و
في الحديث الشريف أنه يدخل الجنة أقوام أفئدتهم كأفئدة الطير أي في الرقة والطهارة .. 

ومن أعظم آيات التوفيق في الحياة أن تهب الأقدار الانسان شريكة للحياة من هذا النوع من البشر الذين يعيشون بين الناس كعود الريحان ينشر الشذى الطيب ويكتفي بالقليل من الهواء والماء ..، وأن تجمع كذلك بين النفس الطيبة وبين صدق العاطفة وثرائها . والأديب الفرنسي جي دي موباسان يقول لنا أنه حين يتحاب اثنان فليس يسعدهما شىء أكثر من المنح والعطاء.. فالمحب يعطي كل شئ من أفكاره وحياته وجهده وكل ما يملك ويشعر بلذة المنح أكثر مما قد يشعر المحبوب بلذة الأخذ .
 

ورعاية زوجتك الفاضلة لكل من استظل بظلها من أهلك أو أهلها دون تبرم إنما هو عطاء يتفق مع طبيعتها السمحة المعطاءة .. ويصب في هدف إسعاد شريك الحياة .. والنهوض بلا تقاعس بالواجب الانساني .. ولابد أنها قد جنت ثمار هذا العطاء على مرالسنين حبا ووفاء واحتراما من الجميع ولست اريد أن أنهي تعلىقي بغير ان أشير إلى انك لابد قد أسهمت بحسن عشرتك لها وتقديرك لعطائها واعتزازك به وبها في حثها على تقديم المزيد منه على الدوام .. ذلك أن افتقاد التقدير يثبط الهمة ويثير الاحباط في نفس الشريك ويشكك في جدوي العطاء والاخلاص، وقديما قال الأديب العظيم مصطفي صادق الرافعي أنه لايصح الحب بين اثنين
 إلا إذا أمكن لاحدهما أن يقول للآخر: يا أنا ! 


وقال الشاعر الألماني الكبير جوته أنه إذا كان الزوج وفيا مخلصا عطوفا رقيقا، فإن حبه يظهر في وجه زوجته الباسم المشرق السعيد ! 

فهنيئا لك هذه العشرة الجميلة الطيبة .. وشكرا لك على رسالتك
 .





انشر
-

هناك تعليقان (2):

  1. ما أجمل الحياة بهذا النموذج الطيب
    إنها تستحق أن تعاش و تحيا

    و من منا لم يحلم بهذا القدر

    و لكن ما علينا إلا أن نقول الحمد لله على ما أعطى و الشكر لله على نعمه

    ردحذف
  2. اظنها اجمل رسالة قراتها على الاطلاق بعد رسالة دليل المرأة الذكية

    ردحذف

;