الأحد، 25 ديسمبر 2011

15) رسالة(الاصبع الخالية)اعيش وحيدة بعد حياة مليئة بالفشل والاحباط


قرأت رسالة "الجائزة" التى روت فيها سيدة قصتها مع الفشل مرتين فى الزواج وكيف غيرت من نفسها وانقصت وزنها ثلاثين كيلو جراما واقلعت عن عادتها اسابقة فنالت احترام مجتمعها ثم جاءت اليها "جائزتها" وتزوجت زواجا موفقا واصبحت موضع فخر ابويها بعد ان كانت موضع انتقادهما .. وقد تأثرت كثيرا بهذه الرسالة فدفعتنى لأن اروى لك قصتى ، فلقد نشأت فى اسرة صغيرة ولى شقيق واحد ولاحظت فى طفولتى ان 
ابوى يدللاننا لأنهما تزوجا على كبر كم لاحظت انهما يركزان فى تربيتنا على ان ننشأ متفوقين دراسيا وان نتعلم المثل والقيم الاخلاقية وفعلا كنت دائما من المتفوقين ونلت الكثير من حنان ابى وامى وسمعت من امى ان اهم شىء التفوق فى الدراسة فركزت كل اهتمامى على مذكرتى ولم اعط اى اهتمام لمظهرى وكنت دائما ارتدى البنطلون واجمع شعرى الى الخلف وكان التفوق حليفى وظللت على تفوقى ودخلت كلية الطب فاكتشفت فيها ان التفوق ليس نقيضا للاهتمام بالمظهر ولاحتفاظ الفتاة بشخصها كأنثى فقد وجدت فى الكلية من هن اكثر تفوقا ومع ذلك يحس الانسان حين يراهن انه امام فتيات فبدأت لأول مرة احاول الاهتمام بمظهرى وبدأت اسمع لاول مرة فى حياتى كلمات الثناء من الجنس الآخر على جمالى وقد نسيت ان اقول لك اننى جميلة لكن ابى وامى لم يكن يعيران هذا الجانب اى اهتمام.
وفى احدى حفلات الزفاف تقدم لى شاب يخطبنى فسمعت امى ترفض المبدأ وتقول اننى لن اتزوج قبل ان انهى دراستى وتعيد تأكيد رأيها فى ان التفوق فى الدراسة .. ومضت سنوات الدراسة عادية حتى توفى ابى فجأة وانا اؤدى امتحانات السنة الثالثة .. فصدمت صدمة قوية واكملت امتحاناتى وانا ارتدى السواد وساعدتنى امى كثيرا على تخطى هذه المحنة .. ثم اشتد المرض على امى واحسست بدنو اجلها فبدأت تصرح لى بأنها تتمنى ان ترانى فى بيت الزوجية قبل ان تموت .. وكنت اسمع منها هذا الحديث لأول مرة فى حياتى فسعدت به سعادة بالغة وحين تقدم لى عريس بعد ذلك بأسابيع رحبت امى وقرأنا الفاتحة لكنى اكتشفت قبل موعد الخطبة بيوم واحد انه قد سبق له الزواج وله طفلة .. ولم تهتم امى بهذه الحقيقة كثيرا وادركت ازمتها كأم مريضة تريد ان تطمئن على ابنتها بأى شكل لكنى اصررت على رفضه وايدنى شقيقى فى ذاك .. وبعد ذلك بثلاثة شهور تقدم لى شاب آخر ووافقت عليه .. ثم ساءت حالة امى الصحية ورحلت عن الدنيا ووجدت نفسى وحيدة مع شقيقى.. وكثرت تدخلات الاهل ووجدت كثيرين يقولون لى ان خطيبى ليس مناسبا لى وتأثرت بأحاديثهم وفسخنا الخطبة ومر عام دراسى آخر وتخرج آخى الذى يكبرنى بعام دراسى وبدأ يستعد للزواج وفى هذه الاثناء تقدم لى شاب ثالث كان زميلا لى بالكلية وواقفت عليه بينى وبين نفسى "مؤقتا " حتى لا احضر حفل زفاف اخى واصبعى خالية من الدبلة .. لآنى لا اريد ان ارى نظرة اشفاق فى عين احد وحضرت زفاف اخى ومعى خطيبى واذعت فى الحفل ان زفافى قريب جدا لكنى بعد اسبوع واحد كنت قد فسخت هذه الخطبة وعشت حياتى وحيدة فى شقة الاسرة التى شهدت طفولتى السعيدة ولحظات وداع الابوين المريرة وانجب اخى طفلا وانا مازلت فى وحدتى مصرة على عدم الاقدام على اى تجربة ارتباط او زواج لأن الفشل يجىء من جانبى دائما .. لكن الضغط على ازداد ان اتزوج وتقدم لى عريس بدا انه مناسب لى فوافقت عليه واشترط الجميع على ان اعقد القران بدلا من الاكتفاء بالخطبة حتى اتريث طويلا قبل ان افكر فى فض الارتباط وتم عقد القران لكنى سرعان ما اكتشفت انه سطحى جدا وسلبى جدا وشخصيته ضعيفة جدا ولا يعتمد عليه فانفصلت عنه بعد 4 شهور من القران وقبل الزفاف وها انذا الآن اعيش وحيدة بعد حياة مليئة بالفشل والاحباط على المستوى الشخصى اعمل فى الفترة الصباحية وفى الفترة المسائية وحتى فى يوم الجمعة ومازال يتقدم لى البعض لآنى والحمد لله طبيبة ناجحة ولازال عمرى 26 عاما وجميلة وشيقة الحديث ويعتمد على لكنى اشعر بالطمع من جانب من يتقدم لى لأنه لابد قد سأل عنى وعرف انى ميسورة الحال وعندى شقة وسيارة.. فاصدمه بالرفض.. لكنى ارجوك ان توجه نداء الى كل اب وام ان يكون اهتمامهما الاول فى الحياة هو ان يزوجا بناتهما وان يغرسا فيهن حب الزواج وانا شخصيا كنت اتمنى لو لم اكن طبيبة ناجحة وان اكون زوجة راضية بما قسمه الله لى.. لكن مشكلتى هى اننى ربيت على غير هذا الاساس فلم اعرف كيف اتعامل مع الحياة وكما فكرت فى مشروع الارتباط احسست بشىء ثقيل يخيم على صدرى واشعر بالغربة لكنى حين ادركت ذلك كان قد فات الأوان.



ولكاتبة هذه الرسالة اقول:
لم يسىء اليك ابواك بغرس حب التفوق الدراسى فيك بل احسنا اليك به لكن آثار التفوق على شخصيتك انت هى المشكلة ذلك ان آفة بعض المتفوقين دراسا هى الغرور والمشكلة هى ان اختبار الحياة اشد صعوبة من اختبارات الدراسة ووسائل النجاح مختلفة.
وفى مقدمتها الا تكون مطالب الانسان من الحياة مغاليا فيها والا يكون احساسه بالتميز على الاخرين عاليا.. وايضا ان يكون على استعداد لأن يرى الجوانب الخيرة فى الآخرين فلا يتصور دائما انهم طامعون فيه او راغبون فى افتراسه.. لآن هذا الاحساس نفسه انعكاس للمغالاة فى تقدير الذات .. فتخلصى من مغالاتك فى تقديرك لنفسك والايمان بمزاياها .. تتفتح امامك ابواب التواصل مع الدنيا ويطرق باب قلبك من يستحقك ومن تسحقينه وعفوا لهذا التعبير من انانيتك التى سوغت لك من قبل ان تقبلى خطبة انسان لمجرد الا تظهر اصبعك خالية من دبلة الخطوبة فى حفل زفاف شقيقك، فظلمت بذلك انسانا لم يرد بك الا خيرا ولحسابات خاصة بك انت لا دخل له فيها. فان تسلحت للاختبار بهذا الفهم الجديد اجتزته بنجاح وجاءت اليك جوائز الحياة تسعى اما نداؤك الاخير فله اهميته وهو يذكرنا دائما بفضيلة الاعتدال فى تحديد الاولويات والاهداف التى ينبغى ان يسعى اليها الانسان فالتفوق فى الدراسة غاية مشروعة وقيمة كبرى بغير شك لكنه لا يجوز له ان يلغى اعداد الفتاة نفسيا واجتماعيا للزواج الذى تستقيم به طبيعة الحياة.
انشر
-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

;