قررت أن أصنع أيميل آخر باسم غير اسمي‏,‏ودخلت علي أحد تلك المواقع وتعرفت علي شاب في التاسعة عشرة من عمره.‏ يدرس بكلية الصيدلة بإحدي الجامعات الخاصة بالسادس من أكتوبر‏.‏ ويسكن هناك أيام دراسته‏,‏ ويعود لبيت أهله في الاجازات بالمنصورة‏.‏ لقد قصصت عليه ما بحياتي وقص لي‏.‏ وقال لي إنه قد ارتاح لكلامه معي‏.‏ وقال لي إني أهمه ولا يمكن أن يطلب مني شيئا خطأ وفي نفس الوقت يرفض أن أعمل شيئا خطأ‏.‏

ولكنه طلب مني أن يري صورتي علي الايميل ورفضت‏.‏ طلب مني رقم التليفون الخاص بي ليسمع صوتي ورفضت‏,‏ وأخيرا طلب مني أن يقابلني بالجامعة ورفضت‏.‏ كنت أخاف من أنه يريد أن يكون مجرد صداقة للتسلية وأنا لا أريد ذلك‏.‏ قلت له إني لا أجرؤ أن أبلغ أبي وأمي بمقابلته لأن اجابتهما ستكون بالرفض‏.‏ فقال لي اننا لو أبلغنا آباءنا بكل شيء فلن نعيش ولن نفعل ما نريده‏,‏ لأنهم لا يعيشون حياتنا‏.‏ وكرر لي أنه لا يطلب مني شيئا يضرني‏.‏

حاولت ان أواجهه بأنه يتحدث مع الفتيات علي النت كي يقابلهن بعد ذلك ــ وقد فعلت ذلك لمعرفة رد فعله ــ ولكنه غضب ونفي هذا عنه‏.‏ وقال لي انني قد جرحته‏.‏ اعتذرت له ولكن بعد ذلك كرر الطلب مرة أخري‏.‏ وأنا الان لا أعرف ماذا أفعل؟
----------------------------------------------------------------------------
تصلني ــ ياصغيرتي ــ عشرات الرسائل من فتيات مثلك‏,‏ يتحسسن الخطي مثلك وهن في طريق كله أشواك‏,‏ برغم الوحدة وعدم وجود من يفهمهن‏..‏ وتصلني رسائل باكية من فتيات وصلن لآخر هذا الطريق ودفعن ثمنا غاليا من سمعتهن أو شرفهن‏,‏ واكتشفن وجوها أخري لذئاب ارتدوا ثوب الحب والبراءة حتي تقع بين أيديهم الفريسة‏.‏

صغيرتي‏..‏ اخترت الطريق الخطأ‏,‏ وأنت مازلت صغيرة لم تعرفي الحياة بعد‏..‏ تعشين مرحلة المراهقة‏,‏ ولا تتعاملي مع هذه الكلمة علي أنها اتهام أو تقليل من شأنك‏,‏ فكل إنسان منا مر بها‏,‏ والذكي هو الذي يعرف كيف يتعامل معها‏,‏ ويخرج منها رابحا لا خاسرا‏.‏ هذه ــ يا ابنتي ــ مرحلة التكوين الثقافي والديني والاجتماعي‏..‏ أنت في حاجة الآن إلي القراءة والفهم والتعلم‏..‏ مشروعك الأساسي هو التخرج أولا من الجامعة‏

حتي يأتيك أو تلتقي بمن تحبين أن يشاركك مستقبلك‏,‏ وما تفعلينه سيستنزف مشاعرك وسيعرضك لما قد تعجزين عن مواجهته أو تحمله‏.‏ تسألينني النصيحة‏,‏ فأقول لك‏:‏ إلغ هذا الإيميل‏,‏ ولا تدخلي الـي مواقع علي النت إلا للقراءة والمتابعة والتواصل مع من تعرفين‏,‏ وتخيري صديقة مناسبة ومحترمة تستمع إليك وتبوحي لها بما تشائين‏,‏ وتقربي أكثر من والديك‏,‏ تحدثي إلي والدتك‏,‏ صارحيها بأنها بعيدة عنك‏,‏ اعترفي لها بما فعلت‏,‏ واطلبي منها أن تكون صديقتك‏,‏ وثقي بأنها ستستجيب‏.‏

وأقول لكل أب وأم‏,‏ خذوا بالكم من أولادكم‏,‏ اقتربوا منهم‏,‏ صادقوهم‏,‏ لا تمنحوهم كل الثقة والأمان قبل أن تطمئنوا أنهم مستعدون لها‏..‏ عيونكم علي أصدقائهم‏,‏ تليفوناتهم‏,‏ وأجهزة الكمبيوتر التي يجلسون عليها‏..‏ الفساد مغر‏,‏ والفاسدون يتنطعون علي النت‏,‏ كما هم في الشوارع‏..‏ استيقظوا فالخطر في بيوتكم وأنتم غافلون‏
!!‏