لا اعرف كيف ابدأ رسالتى , فكل ما اعرفه هو اننى أريد ان أتكلم وابوح بكل شئ عسى ان أهدأ واستريح ... فأنا شاب فى بداية العشرينات من عمرى , تنبهت للحياه فلم اجد ابى حولى , وعرفت من امى انه قد رحل عن الحياه بعد ولادتى بسنه واحده _ رحمه الله _..... ووجدتنى بين اربع شقيقات وأم تحبنى بشده وتفرق فى المعامله بينى وبين شقيقاتى البنات , وتميزنى عليهم , وتغدق عليا فيضا من حبها وحنانها .... فكل طلباتى مجابه بمجرد الاعلان عنها
, ولى دون شقيقاتى الملابس الجديده دائما والهدايا الكثيره , واعياد الميلاد التى تستعد لها امى قبلها بفتره طويله .... فإذا نهضت من مجلسى لافعل شيئا او اتى بشئ طلبت منى امى ان استريح , وكلفت احدى شقيقاتى بخدمتى .....
ولاحظ المحيطون بنا هذه التفرقه فى المعامله وقالوا لامى انها سوف تثمر علاقات غير طيبه بينى وبين شقيقاتى ... وانها قد تدفعهن لكراهيتى فكانت امى تقول لهم دائما انها انتظرت 15 عام بعد الزواج حتى اعطاها الله الولد بعد 4 بنات , فهل يستكثرون عليه هذا الحب ؟؟؟؟
ولعلك تتساءل كيف كنت استقبل أنا هذا الحب وهذا التدليل والتمييز , وتتصور أننى كنت أبادلها تدليلا بتدليل وإعزاز باعزاز كما هو المفروض لكن الحقيقه المره هى أننى كنت أستشعر الاختناق بهذا الحب وأضيق به ... ولا أجلس مع أمى أبدا ولا أتحاور معها ولا يدور بيننا إلا الكلام الضرورى بالرغم من تلهفها الدائم على أن تتحدث إلى وأتحدث إليها .... وبالرغم أيضا من رجائها المستمر لى بأن أجلس معها بعض الوقت .... فأرفض ذلك وأقابلها دائما بوجه متجهم حين تبتسم هى فى وجهى , وأقابل كل شئ تطبله منى بالرفض حتى ولو تعلق الامر بمستقبلى , فلقد كانت تطالبنى بأن ابذل كل جهدى فى الثانويه العامه لأنجح بتفوق وألتحق بكليه مرموقه لتتيه بى فخرا ... فكنت اعاندها ولا أوجه لمذاكرتى الا أقل القليل من الجهد ... وانجح بصعوبه ... ولم ألتحق سوى بكليه نظريه .. فى حين تفوقت كل شقيقاتى والتحقن بكليات القمه , وبعد انتهاء دراستهن وعملهن جميعا تزوجن وانتقلن الى بيوت ازواجهن وخلا البيت عليا مع امى ....
فكانت تطول ساعات وحدتها فيه . وانا لاه عنها ومنصرف الى اصدقائى ونزهاتى وشواغلى التافهه .. وقبل الفجر كانت تنهض من نومها لتصلى وتحاول إيقاظى لاصلى معها فأنهرها وأرد عليها ردا جافا فتتركنى لنفسى وهى تتحسر ......
وفى الصباح ترجونى ان اتناول معها طعام الافطار لكيلا تأكل وحدها فأرفض بإصرار وارتدى ملابسى واخرج الى كليتى فتلاحقنى حتى باب الشقه وهى تلح عليا ان ارجع للغداء معها وتؤكد لى انها لن تتناول الطعام حتى اعود ...فأتعمد الا ارجع اليها إلا بعد المغرب فإذا وضعت الطعام على المائده ودعتنى للاكل معها صدمتها بأننى قد تناولت الطعام فى الخارج فتجلس مطئاطئة الرأس حزينه وتأكل وعيناها تدمعان , وحين تطلب منى ان اذهب معها الى الطبيب اتعلل بأننى مرتبط بمواعيد وهميه لكيلا اصحبها إليه ... وتأتى احدى شقيقاتى لمصاحبتها فى زيارة الطبيب ...
أما حين تأخرت عن العوده الى البيت ذات مره الى ما بعد منتصف الليل فقد رجعت ووجدتها جالسه خلف الباب فى حاله يرثى لها من الخوف والقلق عليا وعاتبتنى على تأخرى وانفجرت فيها وقلت لها اننى لم اعد صغيرا ومن حقى ان اذهب الى حيث اشاء وارجع متى اشاء , فانفجرت فى البكاء وراحت تررد " حسبى الله ونعم الوكيل " عدة مرات
وفى عيد الام كانت شقيقاتى يجئن اليها محملات بالهدايا ويمطرنها بالقبلات ... أما انا فلا اقول لها عبارة تهنئه واحده لانى اعتبر ذلك من شئون الاطفال وليس الكبار مثلى , ولا احضر لها اى هديه , واعجب فى نفسى حين اسمع من شقيقاتى انها قد زعمت لهن اننى قد احضرت لها هديه ذهبيه قبل عيد الام بيوم , واقمت لها احتفالا خاصا بها قبل حضور شقيقاتى !!!!
ثم رجعت من كليتى ذات يوم فوجدت الشقه خاليه , ووجدت على مائدة الطعام ورقه من اختى تقول فيها ان امى قد مرضت بسبب الارهاق ونقلت الى المستشفى .... وهرولت الى هناك فوجدت شقيقاتى كلهن , وسألت عن حالة امى فعرفت انها قد اصيبت بجلطه فى القلب وطلبت من الطبيب ان اراها فرفض والححت عليه طويلا حتى وافق واذن لى بالقاء نظره عليها ,دخلت فوجدتها فى غيبوبه تامه ولاتدرى بما حولها , ورجعت الى البيت حزينا وخلعت ملابسى وانفجرت فى البكاء , وفى الصباح توجهت الى المستشفى فوجدتها قد رحلت عن الحياه قبل لحظات ... نعم يا سيدى ماتت امى قبل ان اقول لها اننى احبها كما تحبنى , وانها كانت كل دنياى وحياتى كما كنت انا كل حياتها ....واننى لا اساوى الان شيئا بدونها , ماتت قبل ان ابتسم فى وجهها كما كانت تبتسم فى وجهى .....
واحنو عليها كما كانت تحون عليا ...
واجالسها واتسامر معها كما كانت تود منى دائما ان افعل وكنت اخيب رجاءها بغفلتى وجهلى .... ان الحزن ينهشنى , وتأنيب الضمير يقتلنى ... وعبارة " حسبى الله نعم الوكيل التى رددتها حين انفجرت فيها ترن فى اذنى وأسأل نفسى فى كل لحظه ماذا كان يضيرنى لو كنت قد لبيت لها طلباتها البسيطه منى واسعدت قلبها . ماذا كان يضيرنى فى ان اجالسها على مائدة الافطار كل يوم وعلى مائدة الغداء من حين لاخر .... واحدثها عن نفسى كما كانت تشتهى دائما ان افعل ولماذا كنت اعبس فى وجهها على الدوام ... واتعمد الصمت الجاف معها حتى تكاد تشحذ الكلمات منى , ومن الذى يريد ان يسمعنى او يجالسنى بعدها , إننى لا اكتب هذه الرساله طلبا للمشوره لان الاوان قد فات لاصلاح الاخطاء بكل اسف وإنما اكتبها لاطلب من كل ابن ان يرحم ابوويه ويبتسم فى وجهيهما ويتكلم ويأكل معهما ويستمع الى حديثهما ونصائحهما وألا يدخل غرفته ويغلقها على نفسه , وامه تتلهف على الكلام معه كما كنت افعل , ولكى اطلب منه ان يقبل يد امه ويد ابيه بلا خجل فأنا الان ابكى دما لانى لم افعل كل ذلك ولو رجعت امى الى الحياه الان لقبلت قدميها , وليس يدها فقط لكن هيهات ان تعود والسلام عليكم ورحمة الله ............
ولكاتب هذه الرساله اقول :
عرض علينا الحب فأدرنا له ظهورنا بغير اكتراث !!!
هكذا قال احد الحكماء مستنكرا بعض احوال البشر ... وهكذا ينبغى ان نقول نحن ايضا فى مواقف عديده نكرر فيها للاسف هذا الخطأ البشرى القديم ... فأول حب غامر يعرض علينا فيدير له البعض ظهورهم بلا اكتراث هو حب الاباء والامهات , وحدبهم عليهم واهتمامهم بأمرهم وطلبهم لسعادتهم ... فيرى البعض فى هذا العطاء الخالص قيودا يضيق بها ... او صغارا لا يليق برجولته ويتمرد عليه ويتوق للتحرر منه .. فإذا قضت عليه المقادير بالتحرر المؤلم منه بالفعل ادرك بعد فوات الاوان انه قد حرم والى الابد من نهر الحب الصادق الوحيد الذى لا تجف منابعه ابدا ويفيض عليه دوما وفى كل الاحوال نجح فى حياته ام فشل , عرف له قدره ام جهله وانكره , وفقد مع جفاف هذا النبع الغريزى الطاهر المظله التى كانت تحميه من صواعق السماء وعوادى الايام , ولم يعد امره يهم احدا فى الوجود كله سواه بعد غياب الاحباب الذين كانوا لا يطعمون الا اذا طعم ... ولا يسعدون الا اذا سعد ... فأى غباء بشرى ان يضيق الانسان بعز الانتماء الى من يحبونه ويحرصون عليه ويهتمون بأمره ... واى حسره يستشعرها حين تخلو حياته من مثل هذا الحب الصادق المبرأ من كل غرض دنيوى .... ......
ولماذا نقول غالبا بعد فوات الاوان ما قاله الاديب الكولومبى العالمى ماركيز فى رسالته الوداعيه التى كتبها بعد علمه بحقيقة مرضه " لو حبانى الله بقطعه اخرى من الحياه لفعلت كذا وكذا " ولماذا لم نفعل نحن شيئا من ذلك واحباؤنا بين ظهورنا يستجدون مشاعرنا ويتلهفون على اللفته البسيطه من جانبنا فنبخل عليهم بكلمة الحب والاهتمام وكانوا يتلهفون على سماعها منا ............
ماذا يجدى هؤلاء الاعزاء الراحلين ان نعرف بعد فوات الاوان كم كان وجودهم ضروريا فى حياتنا ونحن قد كتمنا الحب فى قلوبنا القاسيه حتى رحلوا عن الحياه , واى جهل هيأ لنا اننا سنجدهم دائما امامنا وفى متناول ايدينا ..... ولماذا لم نسمع نصيحة الناصح الذى هتف لنا قائلا ( املأ عينيك من وجوه الاحباء , ولا تؤجل كلمة الحب التى ينتظرونها منك , قلقد يجئ الغد فلا تجدهم فى الجوار , وينهشك الندم على ان رحلوا من الحياه قبل ان يرتوا من نهر حبك لهم كما ارتويت انت حتى البشم من نبع حبهم الصافى لك )
اننى انشر هذه الرساله وارجوا ان يقرأها كل ابن وابنه يتمتعان الان بعز البنوه لاباء وامهات ... ويتأملا معانيها ويستوعبا درسها قبل فوات الاوان .............
, ولى دون شقيقاتى الملابس الجديده دائما والهدايا الكثيره , واعياد الميلاد التى تستعد لها امى قبلها بفتره طويله .... فإذا نهضت من مجلسى لافعل شيئا او اتى بشئ طلبت منى امى ان استريح , وكلفت احدى شقيقاتى بخدمتى .....
ولاحظ المحيطون بنا هذه التفرقه فى المعامله وقالوا لامى انها سوف تثمر علاقات غير طيبه بينى وبين شقيقاتى ... وانها قد تدفعهن لكراهيتى فكانت امى تقول لهم دائما انها انتظرت 15 عام بعد الزواج حتى اعطاها الله الولد بعد 4 بنات , فهل يستكثرون عليه هذا الحب ؟؟؟؟
ولعلك تتساءل كيف كنت استقبل أنا هذا الحب وهذا التدليل والتمييز , وتتصور أننى كنت أبادلها تدليلا بتدليل وإعزاز باعزاز كما هو المفروض لكن الحقيقه المره هى أننى كنت أستشعر الاختناق بهذا الحب وأضيق به ... ولا أجلس مع أمى أبدا ولا أتحاور معها ولا يدور بيننا إلا الكلام الضرورى بالرغم من تلهفها الدائم على أن تتحدث إلى وأتحدث إليها .... وبالرغم أيضا من رجائها المستمر لى بأن أجلس معها بعض الوقت .... فأرفض ذلك وأقابلها دائما بوجه متجهم حين تبتسم هى فى وجهى , وأقابل كل شئ تطبله منى بالرفض حتى ولو تعلق الامر بمستقبلى , فلقد كانت تطالبنى بأن ابذل كل جهدى فى الثانويه العامه لأنجح بتفوق وألتحق بكليه مرموقه لتتيه بى فخرا ... فكنت اعاندها ولا أوجه لمذاكرتى الا أقل القليل من الجهد ... وانجح بصعوبه ... ولم ألتحق سوى بكليه نظريه .. فى حين تفوقت كل شقيقاتى والتحقن بكليات القمه , وبعد انتهاء دراستهن وعملهن جميعا تزوجن وانتقلن الى بيوت ازواجهن وخلا البيت عليا مع امى ....
فكانت تطول ساعات وحدتها فيه . وانا لاه عنها ومنصرف الى اصدقائى ونزهاتى وشواغلى التافهه .. وقبل الفجر كانت تنهض من نومها لتصلى وتحاول إيقاظى لاصلى معها فأنهرها وأرد عليها ردا جافا فتتركنى لنفسى وهى تتحسر ......
وفى الصباح ترجونى ان اتناول معها طعام الافطار لكيلا تأكل وحدها فأرفض بإصرار وارتدى ملابسى واخرج الى كليتى فتلاحقنى حتى باب الشقه وهى تلح عليا ان ارجع للغداء معها وتؤكد لى انها لن تتناول الطعام حتى اعود ...فأتعمد الا ارجع اليها إلا بعد المغرب فإذا وضعت الطعام على المائده ودعتنى للاكل معها صدمتها بأننى قد تناولت الطعام فى الخارج فتجلس مطئاطئة الرأس حزينه وتأكل وعيناها تدمعان , وحين تطلب منى ان اذهب معها الى الطبيب اتعلل بأننى مرتبط بمواعيد وهميه لكيلا اصحبها إليه ... وتأتى احدى شقيقاتى لمصاحبتها فى زيارة الطبيب ...
أما حين تأخرت عن العوده الى البيت ذات مره الى ما بعد منتصف الليل فقد رجعت ووجدتها جالسه خلف الباب فى حاله يرثى لها من الخوف والقلق عليا وعاتبتنى على تأخرى وانفجرت فيها وقلت لها اننى لم اعد صغيرا ومن حقى ان اذهب الى حيث اشاء وارجع متى اشاء , فانفجرت فى البكاء وراحت تررد " حسبى الله ونعم الوكيل " عدة مرات
وفى عيد الام كانت شقيقاتى يجئن اليها محملات بالهدايا ويمطرنها بالقبلات ... أما انا فلا اقول لها عبارة تهنئه واحده لانى اعتبر ذلك من شئون الاطفال وليس الكبار مثلى , ولا احضر لها اى هديه , واعجب فى نفسى حين اسمع من شقيقاتى انها قد زعمت لهن اننى قد احضرت لها هديه ذهبيه قبل عيد الام بيوم , واقمت لها احتفالا خاصا بها قبل حضور شقيقاتى !!!!
ثم رجعت من كليتى ذات يوم فوجدت الشقه خاليه , ووجدت على مائدة الطعام ورقه من اختى تقول فيها ان امى قد مرضت بسبب الارهاق ونقلت الى المستشفى .... وهرولت الى هناك فوجدت شقيقاتى كلهن , وسألت عن حالة امى فعرفت انها قد اصيبت بجلطه فى القلب وطلبت من الطبيب ان اراها فرفض والححت عليه طويلا حتى وافق واذن لى بالقاء نظره عليها ,دخلت فوجدتها فى غيبوبه تامه ولاتدرى بما حولها , ورجعت الى البيت حزينا وخلعت ملابسى وانفجرت فى البكاء , وفى الصباح توجهت الى المستشفى فوجدتها قد رحلت عن الحياه قبل لحظات ... نعم يا سيدى ماتت امى قبل ان اقول لها اننى احبها كما تحبنى , وانها كانت كل دنياى وحياتى كما كنت انا كل حياتها ....واننى لا اساوى الان شيئا بدونها , ماتت قبل ان ابتسم فى وجهها كما كانت تبتسم فى وجهى .....
واحنو عليها كما كانت تحون عليا ...
واجالسها واتسامر معها كما كانت تود منى دائما ان افعل وكنت اخيب رجاءها بغفلتى وجهلى .... ان الحزن ينهشنى , وتأنيب الضمير يقتلنى ... وعبارة " حسبى الله نعم الوكيل التى رددتها حين انفجرت فيها ترن فى اذنى وأسأل نفسى فى كل لحظه ماذا كان يضيرنى لو كنت قد لبيت لها طلباتها البسيطه منى واسعدت قلبها . ماذا كان يضيرنى فى ان اجالسها على مائدة الافطار كل يوم وعلى مائدة الغداء من حين لاخر .... واحدثها عن نفسى كما كانت تشتهى دائما ان افعل ولماذا كنت اعبس فى وجهها على الدوام ... واتعمد الصمت الجاف معها حتى تكاد تشحذ الكلمات منى , ومن الذى يريد ان يسمعنى او يجالسنى بعدها , إننى لا اكتب هذه الرساله طلبا للمشوره لان الاوان قد فات لاصلاح الاخطاء بكل اسف وإنما اكتبها لاطلب من كل ابن ان يرحم ابوويه ويبتسم فى وجهيهما ويتكلم ويأكل معهما ويستمع الى حديثهما ونصائحهما وألا يدخل غرفته ويغلقها على نفسه , وامه تتلهف على الكلام معه كما كنت افعل , ولكى اطلب منه ان يقبل يد امه ويد ابيه بلا خجل فأنا الان ابكى دما لانى لم افعل كل ذلك ولو رجعت امى الى الحياه الان لقبلت قدميها , وليس يدها فقط لكن هيهات ان تعود والسلام عليكم ورحمة الله ............
ولكاتب هذه الرساله اقول :
عرض علينا الحب فأدرنا له ظهورنا بغير اكتراث !!!
هكذا قال احد الحكماء مستنكرا بعض احوال البشر ... وهكذا ينبغى ان نقول نحن ايضا فى مواقف عديده نكرر فيها للاسف هذا الخطأ البشرى القديم ... فأول حب غامر يعرض علينا فيدير له البعض ظهورهم بلا اكتراث هو حب الاباء والامهات , وحدبهم عليهم واهتمامهم بأمرهم وطلبهم لسعادتهم ... فيرى البعض فى هذا العطاء الخالص قيودا يضيق بها ... او صغارا لا يليق برجولته ويتمرد عليه ويتوق للتحرر منه .. فإذا قضت عليه المقادير بالتحرر المؤلم منه بالفعل ادرك بعد فوات الاوان انه قد حرم والى الابد من نهر الحب الصادق الوحيد الذى لا تجف منابعه ابدا ويفيض عليه دوما وفى كل الاحوال نجح فى حياته ام فشل , عرف له قدره ام جهله وانكره , وفقد مع جفاف هذا النبع الغريزى الطاهر المظله التى كانت تحميه من صواعق السماء وعوادى الايام , ولم يعد امره يهم احدا فى الوجود كله سواه بعد غياب الاحباب الذين كانوا لا يطعمون الا اذا طعم ... ولا يسعدون الا اذا سعد ... فأى غباء بشرى ان يضيق الانسان بعز الانتماء الى من يحبونه ويحرصون عليه ويهتمون بأمره ... واى حسره يستشعرها حين تخلو حياته من مثل هذا الحب الصادق المبرأ من كل غرض دنيوى .... ......
ولماذا نقول غالبا بعد فوات الاوان ما قاله الاديب الكولومبى العالمى ماركيز فى رسالته الوداعيه التى كتبها بعد علمه بحقيقة مرضه " لو حبانى الله بقطعه اخرى من الحياه لفعلت كذا وكذا " ولماذا لم نفعل نحن شيئا من ذلك واحباؤنا بين ظهورنا يستجدون مشاعرنا ويتلهفون على اللفته البسيطه من جانبنا فنبخل عليهم بكلمة الحب والاهتمام وكانوا يتلهفون على سماعها منا ............
ماذا يجدى هؤلاء الاعزاء الراحلين ان نعرف بعد فوات الاوان كم كان وجودهم ضروريا فى حياتنا ونحن قد كتمنا الحب فى قلوبنا القاسيه حتى رحلوا عن الحياه , واى جهل هيأ لنا اننا سنجدهم دائما امامنا وفى متناول ايدينا ..... ولماذا لم نسمع نصيحة الناصح الذى هتف لنا قائلا ( املأ عينيك من وجوه الاحباء , ولا تؤجل كلمة الحب التى ينتظرونها منك , قلقد يجئ الغد فلا تجدهم فى الجوار , وينهشك الندم على ان رحلوا من الحياه قبل ان يرتوا من نهر حبك لهم كما ارتويت انت حتى البشم من نبع حبهم الصافى لك )
اننى انشر هذه الرساله وارجوا ان يقرأها كل ابن وابنه يتمتعان الان بعز البنوه لاباء وامهات ... ويتأملا معانيها ويستوعبا درسها قبل فوات الاوان .............
http://www.ahram.org.eg/Archive/2002/4/26/POST2.HTM
ردحذف