الخميس، 12 يناير 2012

4)رساله (العيون الدامعه).(سأواجه ظروفى دون ان احنى هامتى لها ..)


انا شاب فى الرابعه والعشرين من عمرى اشعر منذ فتره طويله بالرغبه فى الكتابه اليك لاروى لك قصتى مع الحياه , فلقد تفتحت عيناى للدنيا فوجدتنى بين اب طيب حنون وشقيقتين يكبروننى وادركت حين تقدمت فى طفولتى بعض الشئ ان بيتنا ينقصه شئ لا اعيه جيدا
لكنه مهم وضروى بدليل انه موجود فى بيوت من اعرفهم من رفاق الطفوله فى الحى الذى نقيم فيه , وسألت ابى عن هذا الشئ ولماذا لايوجد فى حياتنا كما يوجد فى حياة اصدقاء الشارع والجيران ..... فدمعت عيناه واحتضنى .. وقبلنى , وطلب من شقيقتى ان تهتم بى وتشترى لى بعض الحلوى , وشيئاً فشيئاً ادركت هذا الشئ الناقص وعرفت ان امى يرحمها الله قد رحلت عن الحياه وانا طفل عمرى عامان , وان ابى الطيب الحنون اقسم الا يتزوج مره اخرى لكيلا يأتى لنا بزوجة اب قد لا تكون امينه على علينا , وراح يواصل كفاحه فى الحياه لإعالتنا والانفاق علينا وتعليمنا من عمل يومى بسيط يسد حاجتنا الضروريه , واصبح فى الاب والام والصديق والنافذه التى نطل منها على الحياه ....
ومضت حياتنا مع ابى واخوتى سعيده دافئه بحنانه وعطفه , وفى كل حين نتذكر امنا الراحله ونترحم عليها
 ونتمنى لو كانت بيننا لننعم بحنانها مع ابى , لكن الامانى لا تتحقق دائما يا سيدى ... فلم تطل هذه الحياه الدافئه مع ابى وصحونا اناواخوتى ذات يوم لنجده قد رحل عن الحياه ولحق بأمنا فى الحباه الاخرى 
وواجهنا المصير المجهول بعد رحيله المفاجئ عن الحياه ونحن اربعه من الاخوه الصغار اكبرهم فى السابعة عشر واصغرهم انا فى الثانية عشر , وسلمنا امرنا الى الله الحى الذى يا ينام ولا يغفل ولا ينسى احدا من عباده
 
وتداخلنا فى بعضنا البعض كما تتداخل افراخ الطير فى حضن امها لتحتمى به من البرد والرياح وازداد التصاقنا وترابطنا وتكاتفنا معا.......واقسمنا ان نحقق حلم ابينا لنا بأن نواصل التعليم مهما كانت الصعوبات وان نظل متماسكين الى ان نصل حميعا الى بر الامان
 
وبدأنا جميعا فى العمل خلال اجازة الصيف كى نوفر مطالبنا , وعرفت العمل فى الاجازات من هذه السن الصغيره , كل منا يهتم بشئون الاخر ويقوم له بما يحتاج اليه ويعطف عليه وعشنا هذه السنوات القاسيه وعيوننا جميعا دامعه فى معظم الاحيان ولا تغيب عنا ذكرى ابينا الطيب الحنون ولا تغيب ذكرى امنا الراحله عن اخوتى الذين يتذكرون صورتها , ومضينا نعمل فى الصيف ونستذكر فى الشتاء ..........
ومن حين لاخر اضمد " جراح " حذائى الوحيد الذى لا املك غيره واتفنن فى ترتيقه وترقيعه وخياطته بنفسى فإذا عجزت عن ذلك لجأت الى الجزمجى حتى جاء يوم ذهبت به الى الجزمجى ليصلحه فأصلحه وهو ينظر الى فى عطف ثم مددت له يدى بالقروش التى يستحقها عن اصلاحه فرفض ان يتناولها منى وطلب بسماحه ان ارجع اليه لاصلاح الحذاء كلما اردت ذلك مجانا ...........
وادركت ان حال الحذاء قد جعل نفس الرجل تعف عن ان يتقاضى منى اجرا عن الاصلاح , ودمعت عيناى مره اخرى شكرا له وترحما على ابى وامى
 
وواصلنا الحياه بخيرها وشرها وواجهنا من الصعاب والمواقف المحرجه مالا اريد ايلام قرائك به 000 لكن الحياه استمرت بالرغم من كل شئ وفى كل ليله كانت مائدتنا الخشبيه البسيطه تجمعنا حول طعام بسيط نتناوله بشهيه ونحن نتحدث , ونحى عما شهدنان ورأيناه فى يومنا , ونتبادل الحاكايت لوقت طويل , بل ونضحك ايضا على ما يستحق الضحك ثم نأوى الى فراشنا شاكرين الله على نعمة وجودنا معا وحبنا لبعضنا البعض , ونجاحنا فى المدارس بالرغم من ظروفنا الصعبه , وحب الناس والجيران لنا وحديثهم عنا بأننا اناس طيبون وفى حالنا ولم يسمع احد قط كلمه نابيه منا او صوت شجار فى بيتنا , وفى الفراش كان كل منا لا يستسلم الى النوم الا اذا قرأ الفاتحه لروح امنا وروح ابينا رحمهما الله واحسن مثوبتهما
 
فهل تدرى ماذا صنعت بنا الحياه ونحن نواجه هذه الظروف القاسيه ؟
اننى اكتب اليك لكى اقول لك اننا قد حققنا حلم ابينا لنا وحلم امنا التى لم اراها الاطفلا وليدا , فالتحق اخى الاكبر باحدى كليات القمه بجامعه الاسكندريه وتخرج فيها وهو يؤدى الخدمه العسكريه الان والتحقت انا باحدى الكليات النظريه وتخرجت فيها بتقدير عالى والتحقت بالدراسات العليا وحصلت شقيقاتى على شهادتهما وتزوجت الكبرى بفضل من الله وسعدت بحياتها واصبحت لها اسره صغيره جميله , ومازلنا نعيش معا انا وشقيقتى وشقيقى فى بيتنا القديم يحدونا الامل فى مستقبل افضل نعوض فيه ما تحملناه من بؤس وحرمان ونحلم بالفجر الجدي الذى لابد انه سوف يسطع قريبا على حياتنا ويكلل صبرنا وجهدنا وكفاحنا فى الحياه بكل ما نتمناه لا نفسنا من خير وسعاده بإذن الله والحمد لله على كل شئ ......والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..........

ولكاتب هذه الرساله اقول :

رويت لنا ايها الشاب ملحمه كفاح مريره فى كلمات قليله كأنما لا ترى فيها ما يستحق الاطاله فيه مع ان كل ما تحدثت عنه من كفاحكم الشريف فى الحياه وتعاطفكم العائلى النبيل مع بعضكم البعض , وصمودكم العظيم لظروفكم المضنيه ولتصاريف القدر القاسيه , كل ذلك مما يستحق الاعتزاز به , والافاضه فيه لكى يستفيد به الاخرون فلتك كنت قد اسهبت قليلا فى الحديث عن صمودكم لظروف الحياه القاسيه , لتكون كلماتك عنه درسا بليغا لمن يسارعون بالشكوى من كل شئ ولا يصبرون على اى شئ ويتعجلون حظوظهم واقدارهم فى الحياه دائما
 
لقد حققتم عبر هذه الملحمه البشريه امل ابيكم وامكم الراحلين , فى الصمود لتصريف الحياه ومواصلة التعليم حتى غايته , لكنكم قد اضفتم الى هدف الحصول على الشهاده العاليه , ما هم اثمن واغلى منها وهو تعاطفكم الانسانى النبيل وتمسككم بروح الامل فى الغد
 
لقد ذكرتنى رسالتك القصيره هذه بما قاله عبقرى الموسيقى بيتهوفن بعد ان اصيب بالصمم " سأواجه طروفى دون ان احنى هامتى لها "
 
ولقد واجهتم ظروفكم يا صديقى بغير ان تحونى هامتكم , فحق للسماء العادله ان تعوضكم بالراحه والسعاده بعد العناء
 

شكرا لك على رسالتك القيمه وارجو ان تكتب لى بما يمكن ان يساعدك به بريد الاهرم لكى تواصلوا نجاحكم الشريف فى الحياه متمسكين باخلاقكم وبالامل فى الغد الاتى الذى سيبدد ظلمات العناء القديم ويحيلها الى ضياء واشراق فى حياتكم بإذن الله ................ا

انشر
-

هناك تعليقان (2):

  1. الله كريم رحيم ما اخذ منك الا ليعطيك
    هذا الظروف لا تصنع الا اناسا عظام وان شاء الله كل بنت في هذا البيت هاتصبح اما عظيمة وكل ابن في هذا البيت سيكون اب فاضل ليربي ابناء عظماء
    بارك الله لكم ونفع بكم

    ردحذف
  2. رساله جميله جدا وما اصعب الحياه بعدم وجوداحب اثنان لك فى هذه الدنيا لكن سر هذا النجاح هو الرضا ما اجمل هذا الشعور والرضا بالحال من اسباب السعاده الحقيقه وهناك سبب اخر لهذا النجاح هو العمل الطيب لكل من الاب والام الذى تبقى لابنائهم

    ردحذف

;