الأربعاء، 21 مارس 2012

5) رسالة (الخاتم الماسى)..الغربة وثمنها


hأنا سيدة فى السابعة والثلاثين من عمرى ..نشأت فى اسرة طيبة متماسكة وتخرجت فى كلية لهندسة منذ 15 عام وعملت بوظيفة حكومية.. وفى المكتب الذى عملت به فور تخرجى التقيت به لأول مرة .. زميل لى يعمل مهندسا .. اكتشفت كل منا فى الآخر رفيق حياته ممن اللحظةالأولى فتقاربنا وتحاببنا واتفقنا على الزواج وتقدم لخطبتى وتحمست له وأقنعت أبى به للأنه تردد قليلا فى قبوله ليس لأنه من اسرة فقيرة .. ولكن لأن اسرته مفككة ولا تربطها علاقات سوية كأسرتنا..
ومضينا نبنى عشنا طوبة طوبة .. فبعث شبكتى فى اليوم التالى لحفل الخطبة وأعطيته ثمنها .. وأعطيته كل مأدخرته من عملى خلال السنتين اللتين عملت فيهما ليدفع خلو شقة من 3 غرف وصالة وأقنعت ابى بألا يطالب خطيبى بمهر وبأن يترك لنا تأثيت شقتنا بمعرفتنا .. وعقدنا قراننا لكى اتسكعي ان اذهب الى الشقة الجديدة معه بلا شبهة ومضينا نبنى عش احلامنا بأيدينا .. فكنا نشترى الزيت ومواد الطلاء .. ثم نذهب الى قتنا فى الظهر ونظل نعمل فيها حتى الليل.. وخاصة انا لأن لى صبرا على الاعمال اليدوية ولى موهبة فيها.. فقمت بطلاء جدران شقتى بنفسى .. وقمت بدهان قطع الموبيليا البسيطة التى ايتشريناها نبفسى وعدات تركيبات الكهرباء والسباكة. ورسمت اللوحات الزيتية التى زينها بها جداران الشقة .. بل ونقلت ماكينة الخياطة الى الشقة الجديدة لأصنع الستائر لها .. وانتقلنا الى عشنا السعيد بعد كفاح مريروبدأنا حياة سعيدة نتشارك فيها فى كل شىء.. نذهب معا للعمل ونعود معا.. ونقضى نهاية الأسبوع فى بيت اسرتنا او أسرته او فى رحلة قصيرة بأرخص التكاليف.. وقد اقنعته بعد فترة بأن يقبل ارتداء قمصان اصنعها له بيدى فقبل بعد ان رآها لا تختلف عن قمصان المحلات التجارية الغالية فى شىء.. وأصبحت لا اسمح لكعهربائى او سباك او نجار بدخول شقتى لآنى اقوم بكل شىء الى جانب الطهى ونظافة البيت.. ورزقنا الله بثلاثة ابناء خلال السنوات الخمس الأولى من زواجنا اشاعوا البهجة فى حياتنا لكن مكالب الحياة بدأت تصبح كثيرة بعد مجىء الأولاد.. وحاول هو ان يعوض نقص الدخل بالعمل فى مكتب هندسى بعد الظهر.. لكنه كان يعمل شهورا .. ولا يجد العمل شهورا اخرى.. وحاولت انا ان اساهم فى المشكلة برسماللوحات الزيتية وبيعها للمحلات التى تبيع الصور، لكن عائدها كا ن ضئيلا فالمحل يتشرى اللوحة التى أقضى ويمن او ثلاثة فى رسمها بى عشرة او خمسة عشر جنيها ويعرضها للبيع بـ 50 او 60 جنيها لكن الحياة رغم ذلك سعيدة ولذيذة .. وكنا نفرح بثلاثين جنيها احصل عليها من المحل كانها مليون جنيه .. الىان بدأ زوجى يتململ وتيطلع للسفر الى الخارج كزملائه الذين سافروا وعادوا فى الاجازات ينفقون ببذخ ويركبون السيارات ووافقته على رغبته بشرط الا نفترق هنا او هناك وفعلا حصل على فرصة عمل وسافرنا معا وعشنا حياة سعيدة عرفنا فيها الراحة والوفرة والاطئنان للمستقبل وزادت سعاتنا .. لكن الايام السعيدة تجرى سريعا كما تعرف.. لذلك فقد واجهنا مشكلة بعد اربع سنوات وهى اصرار جهة العمل التى يعمل بها على عودتنا والا فصلتنا لانتهاء الاجازة وناقشنا المشكلة معا فقلت له : لقد اعطانا الله ما لم نكن نحلم به وعندنا الأن رصيد فى البنك يحمى مستقبل اولادنا ونستطيع ان نعيش على عائده مع مرتبينا حياة طيبة .. لذلك فانى ارى ضرورة عودتنا لكيلا نفقد وظائفنا فى بلادنا .. ففاجأنى برغبته فى الاستمرار فىالخارج حتى لو فقد وظيفته وترك لى حرية اتخاذ القرار بالنسبة لى.. ففكرت طويلا وهدانى الله الى ان اختار العودة لكى احافظ على وظيفتى والحق ابنائى بالمدارس فى مصر رغم آلام الفراق وطالبتنه بأن يقسم لى على الا يغيب عنى اكثر من 6 شهور فاما ان يجىء فى اجازة طويلة او استافر انا اليه وتعاهدنا على ذلك، وعدت وبدأت مرحلة جديدة من حياتى ارعى فيها اولادى واتعلق بحبال الأل فى عودته وانتظز خطاباته.. وأكتب له كل اسبوع خطابا وانتظر بجوار التليفون كل اسبوع وحين تأتى الاجازة اسافر اليه على جناح الشوق ونعيش شهور الصيف فى حلم لا ينتهى وبعد عامين آخرين طالبته بالعودة لأن هناك فرصة للعودة الى نفس وظيفته رغنم استقالته فرفض وقال لى انه لم يعد يصلح لمثل هذه الوظائف الصغيرة.. لكن الوحدة بدأت تثقل على وبدأت اسأل نفسى لماذا نشقى من اجل النقود اذا كانت لا تسعدنا؟ فأنا وحيدة مع ابنائى وهو وحيد معظم شهور السنة هناك.. ثم ما هذه النغمة الجديدة التى بدأت سامعها فى حديثه من نوع الفوس هى كل شىء وان ماجمعناه هو "ملاليم" حتى الآن!
وان شقتنا التى رسمنا كل قطعة منها لم تعد تصلح لنا واننا نحتاج الى شقة اوسع فى حى أرقى ! يا الهى ان معنى 1لك ان نحيا العمر كله نجرى وراء الفلوس وكلما حققنا شيئا.. تبين لنا ان المشوار ماال طويلا.. لقد صارحته برأيى وقلت له اننا سعداء بما حققنا وان عليه ان يختار بين ان يحيحا اولاده ومع زوجته التى اختارته من الدنيا كلها وبين احلام الثراء هذه .. فوعدنى بالتفكير .. وعدت لمصر حزينة مثقلة بالهموم لقد لاحظت هذا التغيير منذ فترة لكن حبى له اخفى عنى الاحساس بحقيقته .. لقد فقد زوجى شيئا جوهريا فهو دائما يفكر فى المستقبل باستمرار ويجرى حسابات لكل شىء وتيرجم كل شىء الى ارقام ومبالغ ويسألنى احيانا ما جدوى الحياة بلا ملل .. بل ماجدوى الحب ان لم نوفر له الظروف المادية التى تحفظ له كرامته!

وطنت اقول له انى ابيع كل ما نملك بيوم واحد من ايام حبنا وانا بعفريتة الشغل وهو بالنبطلون الجينز المقطوع وكل منا فوق سلم فى الشقةالخالية يدهن جدرانها ونحن نتبادل القفشات والاتبسامات ثم ننزل وسط التراب وكل منا يحتضن الآخر فى عينيه لنأكل بشهية غداء من الجبن والخيار والطعمية ونشرب الشاى من الترموس فيهز رأسه صامتا ثم لا يتكلم!

واخيرا وبعد مراسالات واستعطافات وبكاء فى التليفوم ورجاء من ابنائه ان يأتى ولو للزيارة .. جاء مرغما لأنه فقد وظيفته فى موجة الاستغناءات التى شهدتها الدول البترولية مؤخرا جاء ولم يجىء فى نفس الوقت .. جاء بجسمه ورسمه وصوته لكن اين حبيبى القديم؟ لقد انشغل خلال الشهور الأولى من عوته بالجرى وراء تسلم الشقة التمليك التى دفع ثمنها وهو فى الخارج وتسلمهخا واصر على الانتقال اليها رغم حزنى على شقتى القديمة وانتقلنا اليها صحيح اننا انتقلنا الى شقة اكبر فيها جهاز تكيف وتليفون بغير سلك وموكيت لكن لا دفء فيها ولا حنان فزوجى يمضى الليل ساهرا شاردا مبتعدا وينام معظم النهار ثم يخرج ليركب السيارةالكبيرة التى عاد بها ويعود قرب الفجر .. ولا هم الا الحديث عن الملابس القاخرة بيير كارادان والولاعة الكارتية وزجاجة الكولونيا التى ثمنها 200 دولار والأصدقاء من كبار الماليين الذين يأتون لزيارة مصر.. فيسرع للقاهم فى الفنادق الكبرى التى يقيمون فيها .. ويتحدث معهم عن المشروعات التى ينوى مشاركتهم فيها الى أخر هذا الحديث وقد تباعا تماما عن اهله واشقائه وشقيقاته فلم يعد يزورهم او يلاهم .. ولم يعودا يزوروننا بعد ان ترسخ لديهم الانطباع بأن زوجى قد تكبر عليهم لكنى احرص على مجاملتهم وزيارتهم مع اولادى فى المناسبات لأن الدنيا بلا اهل قاسية ولآنى اريد ان يكون لأبنائى اولاد عم وارةد عمه بحبونهم .. فيلقوننى بترحيب من القلب واحترام شديد ويقولون لى أننى اصيلة ولم اتغير مثل زوجى..!

ثم جاءت الكارثة ياسيدى حين بدأت أشم رائحة غريبة تنبعث منه وعرفت انه يشرب خارج البيت.. فكدت أصعق خوفا من ان يعرف ابنائى عن أ[يهم ذلك فتهتز صورة المثل الأعلى امامهم .. وأنا التى تحرص على نشأتهم نشأة دينية ونؤدى معا الفروض جميعها الى ان فاجأنى زميل قديم لى فى العمل بخبر كالصاعقة هو ان زوجى الحبيب وشريك كفاحى يسعى عن طريق زياراته "لأصدقائه" الجدد ومجاملاته لهم للعودة مرة اخرى للعمل فى نفس البلدة التى كان فيها.. وأنه قد تقدم لخطبة ابنة رجل اعمال غير مصرى شبه مقيم فى مصر وله أعمال فى هذه البلدة .. عمرها 17 سنة وتدرس بالثانوية العامة ويتقرب اليها باعطائها دروسا فى الرياضيات لسماعدتها فى النجاح .. وأن الأب لم يرفض ولم يقبل مؤجلا البت فى الأمر الى مابعد نجاح ابنته فى الثانوية العامة والتحاقها بالجامعة ..تاركا القرار لها رغم معرفته بأنه زوج وأب!

دارت الدنيا بى عند سماعى هذا الخبر .. وعدت الى البيت محطمة خائرة القوى فرقدت على السرير بلا حراك الى ان جاء، وواجهته فنكر .. وقال لى انه فعلا يعطيها دروسا فى الرياضيات لا ليتزوجها.. وانما لمى يحفظ له ابوها الجميل.. ويوظفه فى شركته بالدولة العربية.. او يشاركه فى مشروع هنا فى مصر.. واحترت معه .. هل اصدقه وأسد بابا العذاب والمعاناة ام اكذبه وافتح امامى ابواب جحيم الشك .. وتزداد معاناتى مع ماعانيه من قبل من تغير شخصية زوجى ونفور الناس منه .. وافتقادى لأيام السعادة معه.. اننى اسألك ماذا افعل؟ وأسألك هل بعد هل كل ما اغتنوا بعد فقر تغيروا كما تغير زوجى ـ او فعلوا كما يفعل زوجى الآن، هل المال شر .. ام خير..؟ لقد كنا سعداء حين كنت افصل له قمصانا على ماكينة الخياطة.. وأنا الآن افتقد السعادة معه وهو يرتدى قمصان البير كاردان والملابس الفاخرة .. وكنت سعيدة وهو يمللأ حياتى رغم غيابه بالخارج .. وأنا الآن تعيسة وهو بجانبى بجسمه .. وغائب عنى بروحه القديمة الجميلة التى احببتها .. ولا اعرف لماذا يعتقد فى نفسه أنه كائن عظيم لمجرد انه يجمع بعض المال .. ودائما يرغب فى ان يحقق أشياء وأشياء .. ونحن فى الحقيقة ناس بسطاء وحياتنا بسيطة ولا ارغب الا فى الستر.. اننى حائرة فأخرجنى من حيرتى.

ولكاتبة هذه الرسالة اقول:

ان رسالتك هذه ياسيدتى هىواحدة من عشرات الرسائل التى تلقيتها وتناقش ما أسميه بمشاكل " مابعد العودة" أى مشاكل التغيرات الاجتماعية التى تبرتبن على تغير الأوضاع المادية لبعض الأشخاص بعد انتهاء تجربة العمل فى الخارج وعودتهم الى بلادهم ومجتمعهم بمدخراتهم وما تحكين عنه هو احدى صور المشكلة حين يصبح المال شرا يغير النفوس ويدمر الاحلام الجميلة.. لكنها ليست القاعدة ياسيدتى وانما الاستثناء فيما اظن .. فالثراء الجديد هو احج الاختبارات الهامة لحقيقة شخصية الانسان التى قد تختفى بعض جوانبها تحت تأثير الظروف المحيطة. فهناك اشخاص يظهر المال الجوانب الخيرة الأصيلة فى شخصياتهم .. فيزدادزن رضا بما حققوا وحبا وعطاء للبشر واقترابا منهم ومقدرة على اجتذاب القلوب اليهم .. وهناك اشخاص يظهر الثراء الجديد اسوأ مافيهم ويطلق الوحوش الكاسرة الكمنة داخلهم ومركبات النقص المتفاعلة فيهم فيتحولون الى شخصيات عدوانية شرسة مشوهة تتصور لفرط بلاهتها انها شخصيات "عظيمة" لمجرد امتلاكها لبضع عشرات او مئات الألوف او الملايين، ان العظمة ياسيدتى شىء آخر يرتبط بالشخصية نفسها ولا علاثة لها بحسابات البنوك والسيارات الكبيرة والخواتم الماسية ولقد سقط زوجك بكل أسف فى هذه المصيدة الخادعة لضعف فى نفسه وشخصيته وظروف نشأته .. لهذا فهو مكتئب رغم امواله وخاتمه الماسى وتعيس رغم كل شىء، ويتصور انه لم يحقق بعد كل رغباته وكل ما يريده لنفسه.. لهذا شفهو "راغب" أبدا .. و"لاهث" ابدا وراء شىء لن يصل اليه ابدا ..كما لا يصضل الضال فى الصحراء الى نبع السراب الذى يتحرك من مكان الى مكان كلما اقترب منه.

لقد سئل حكيم يوما: ماذا ترغب؟ فقال أرغب فى الا ارغب! ولا غرابة فى ذلك لأن معظم تعاسة البشر تنشأ من عدم تناسب رغباتهم مع قدراتهم على تحقيقها واذا كان من المستحيل ان يتوقف الانسان عن الرغبة الا ذا توقفت الحياة نفسها فانه من الحكمة اذن ان يكون قادرا على التحكم فى رغباته وميالا الى البساطة ولارضا بما حققه وقادرا على الاستمتاع به كى لا يفسد علىنفسه ايامه بالتطلع دائما الى المستحيل.

اننى اميل الى الاعتقاد بأن الأمل فى انقاذ زوجك من نفسه وتكبره على العمل العادى والحياة مازال ممكنا بشرط واحد هو ان تتحملى مسؤليتك فى هذه المعركة فانت ياسيدتى فيما اعتقد كنت سلبية معه بأكثر مما ينبغى فقد كنت ترثين لحاله لكنك لا تفعلين شيئا ايجابيا لتغييره.. وتتألمين له لكنك تكتفين بالألم واجترار ذكريات الأيام البعيدة وهذا وحده لا يكفى. ان الحذر من الشر هو نصف المعركة ضده وانت فى معركة ضد الشر لانقاذ شخصية زوجك من سلبياتها .. وانقاذ سعادتكك وأسرتك من الخطر الذى قد تجره عليها مجاملاته لهذه الأسرة غير المصرية ورغبته فى العمل مع ربها.. فاحملى سلاحك ياسيدتى للدفاع عن حبك وزوجك وابنائك.. واقنعيه بضرورة قبول اى عمل مهما كان شأنه هنا والتخلى عن فكرة العودة الى عمله السابق عن هذا الطريق الانتهازى فالفراغ مع احلام العظمة التى تراوده شىء بالغ الخطر على شخصية انسان كزوجك .. وطالبيه بضرورة التوقف عن اعطاء هذه الدروس لابنة السابعة عشرة فو ليس مدرسا.. واستمراره فى هذه المحاولة الانتهازية قد يؤدى الى تطور الأمر تطورا خطيرا يهدد عشك الصغير بالدمار.. ولابد ان تبذلى كل جهدك لاعادته الى ارضه التى نبت منها تقربى بينه وبين اهله وانصحك بأن تصطحبيه ولو عنوة لزيارة اشقائه واصدقائه وزملاء العمل القدامى .. عسى ان يكتشف ان قيمة الانسان الحقيقية هى فى حب الآخرين له وفى قدرته على التواصل معهم وليس فى الخاتم الماسى والولاعة الثمينة.. لأننا لا نتعامل مع ملابس البشر ولا سياراتهم وانما مع روحهم وشخصياتهم ولعله يكون مفيدا ايضا ان تصطحبيه مع ابنائك لزيارة هذه الأسرة غير المصرية مرة واحدة ينقطع بعدها عن زيارتها لكى يرى عائلها السفيه " اسرة" هذا الصديق الذى "لم يرفض" و "لم يقبل" خطبته لانته بنت السابعة عشرة تراكا الأمر لهاّ فلعلهم يخجلون من انفسه .. ولعلهم يرتدعون .. والله معك.

 لقد سئل حكيم يوما: ماذا ترغب؟ فقال أرغب فى الا ارغب! ولا غرابة فى ذلك لأن معظم تعاسة البشر تنشأ من عدم تناسب رغباتهم مع قدراتهم على تحقيقها واذا كان من المستحيل ان يتوقف الانسان عن الرغبة الا ذا توقفت الحياة نفسها فانه من الحكمة اذن ان يكون قادرا على التحكم فى رغباته وميالا الى البساطة ولارضا بما حققه وقادرا على الاستمتاع به كى لا يفسد علىنفسه ايامه بالتطلع دائما الى المستحيل.

اننى اميل الى الاعتقاد بأن الأمل فى انقاذ زوجك من نفسه وتكبره على العمل العادى والحياة مازال ممكنا بشرط واحد هو ان تتحملى مسؤليتك فى هذه المعركة فانت ياسيدتى فيما اعتقد كنت سلبية معه بأكثر مما ينبغى فقد كنت ترثين لحاله لكنك لا تفعلين شيئا ايجابيا لتغييره.. وتتألمين له لكنك تكتفين بالألم واجترار ذكريات الأيام البعيدة وهذا وحده لا يكفى. ان الحذر من الشر هو نصف المعركة ضده وانت فى معركة ضد الشر لانقاذ شخصية زوجك من سلبياتها .. وانقاذ سعادتكك وأسرتك من الخطر الذى قد تجره عليها مجاملاته لهذه الأسرة غير المصرية ورغبته فى العمل مع ربها.. فاحملى سلاحك ياسيدتى للدفاع عن حبك وزوجك وابنائك.. واقنعيه بضرورة قبول اى عمل مهما كان شأنه هنا والتخلى عن فكرة العودة الى عمله السابق عن هذا الطريق الانتهازى فالفراغ مع احلام العظمة التى تراوده شىء بالغ الخطر على شخصية انسان كزوجك .. وطالبيه بضرورة التوقف عن اعطاء هذه الدروس لابنة السابعة عشرة فو ليس مدرسا.. واستمراره فى هذه المحاولة الانتهازية قد يؤدى الى تطور الأمر تطورا خطيرا يهدد عشك الصغير بالدمار.. ولابد ان تبذلى كل جهدك لاعادته الى ارضه التى نبت منها تقربى بينه وبين اهله وانصحك بأن تصطحبيه ولو عنوة لزيارة اشقائه واصدقائه وزملاء العمل القدامى .. عسى ان يكتشف ان قيمة الانسان الحقيقية هى فى حب الآخرين له وفى قدرته على التواصل معهم وليس فى الخاتم الماسى والولاعة الثمينة.. لأننا لا نتعامل مع ملابس البشر ولا سياراتهم وانما مع روحهم وشخصياتهم ولعله يكون مفيدا ايضا ان تصطحبيه مع ابنائك لزيارة هذه الأسرة غير المصرية مرة واحدة ينقطع بعدها عن زيارتها لكى يرى عائلها السفيه " اسرة" هذا الصديق الذى "لم يرفض" و "لم يقبل" خطبته لانته بنت السابعة عشرة تراكا الأمر لهاّ فلعلهم يخجلون من انفسه .. ولعلهم يرتدعون .. والله معك.


انشر
-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

;