
بشيء من الامتعاض تابعت قراءة رسالتي قطرة دماء ورسالة لحم الفقراء, ولم يكن امتعاضي تقليلا من شأن آلام المرضي بالطبع ولكن إشفاقا علي الأطباء.. أولئك العبيد في بلاط المستشفيات الحكومية.. والذين لا يملكون وقتا للدفاع عن أنفسهم في مواجهة كل تلك الاتهامات التي يرشقهم بها مرضاهم.
يتحدثون عن أخطاء الأطباء وإهمال الأطباء و طمع الأطباء, وأطباء المستشفيات الجامعية ووزارة الصحة.. أو بالأصح الأطباء حديثو التخرج.ولنتحدث أولا عن الأخطاء.. ولن أدافع بالقول إنهم مازالوا في بداية حياتهم العملية.. وأن أي مبتديء في أي مهنة لابد أن تكون له أخطاؤه.. ربما لكي يتقن فيما بعد.. وبرغم صعوبة تقبل فكرة أن الطبيب لابد أن يخطيء فيضاعف آلام البعض لكي يتعلم وينجو بالبعض الآخر..
وأنه لا ذنب لأي مريض لكي يدفع صحته وحياته أحيانا ثمنا لتعلم الطبيب, رغم صعوبة تقبل هذه الأفكار.. إلا أنها للأسف الحقيقة ولكنها وفي كثير من الأحيان ليست السبب المباشر في أخطاء الأطباء في المستشفيات الحكومية.. والتعليمية منها تحديدا.. التي يشرف فيها عدد كبير من الأطباء ذوي الخبرة علي غيرهم من المبتدئين.. هذا خلاف أن العدد الهائل من المرضي الذين يتوافدون علي المستشفيات الحكومية يوميا ومع تشابه حالاتهم يرفع معدل تعلم الأطباء ويقلل نسبة الخطأ الي حد كبير.ولكن ولنفترض أن اطباء المستشفيات الحكومية جميعهم من الأساتذة الخبراء المتخصصين.. قل لي بربك ماذا تفعل الخبرة مع طبيب يعمل لمدة36 ساعة بلا راحة.. وأحيانا يصل عدد الساعات الي48 ساعة عمل متواصلة.. ماذا تفعل الخبرة للمريض عندما يعمل الطبيب24 ساعة ويرتاح ساعتين, ثم يعمل24 ساعة جديدة وهكذا دواليك.. سيدي لم يصل العلم حتي الآن لآلات مصانع تعمل24 ساعة بلا توقف.. لكن العقل المصري الذي وضع لهؤلاء الأطباء نظام عملهم وصل لأبعد من ذلك وقدم للعالم طبيبا يعمل لمدة36 ساعة أكثر من15 مرة في الشهر.. ويقبض في نهاية الشهر نحو700 جنيه.. يا بلاش.
ويأخذني هذا للحديث عن تهمة طمع الأطباء.. الحقيقة لا أعرف عن أي طمع أو عن أي أطباء يتحدثون.. هل عن الطبيب الذي لم يأخذ من التفوق الدراسي سوي أن الناس تناديه يا دكتور.. هل هذا اللقب يستحق تحمل كل هذا الشقاء.. نعم يا سيدي فالطالب الأكثر تفوقا في مصر هو الأكثر شقاء.. فهو مبدئيا يلتحق بكلية السنوات السبع.. مما يعني أن زملاء دراسته الثانوية ـ الأقل تفوقا ـ يكون أغلبهم تخرج والتحق بوظيفة وبدأ في تكوين نفسه.. والدكتور مازال طالبا.. ثم إن قاده تفوقه لأن يكون أحد أوائل دفعته فهذا يعني أنه سيعين في المستشفي الجامعي.. أي علي الأقل ثلاث سنوات إضافية من التعليم, ولكن في صورة ممارسة هذه المرة.. والتعيين في المستشفي الجامعي يعني استحالة ممارسة أي عمل في المستشفيات الخاصة ومن ثم تحسين الدخل.. لأنه ببساطة الوقت ما بين النبطشيات لا يكاد يكفي للنوم أحيانا.. مما يعني الاكتفاء بالـ700 ملطوش هذا إن لم يخصم منهم أي جزاء إداري لأن الاستشاري مر بالصدفة ووجد الطبيب المهمل نائما لمدة نصف ساعة كاملة خلال الـ36 ساعة.. ولم يكن مستعدا لاستقبال العلامة المتفضل بالمرور علي المرضي, خلاصة الأمر أنه في الوقت الذي يتأخر فيه سن زواج الشباب حتي الثلاثين.. فإن الطبيب عند هذه السن ـ يبدأ تكوين نفسه!!
بعد كل هذا هل نجرم الطبيب أنه عندما أنهي المدة التعليمية, أصبح يعمل في مكانين في نفس الوقت بحيث يوجد في أحدهما ويكونonCall في الآخر.. أي جاهز للوجود في أي وقت, كيف يفسر هذا علي أنه طمع؟ هل معني أن الأطباء يعملون لإنقاذ حياة الناس أن يضحوا بحياتهم وبأبسط حقوقهم فيها للأبد؟ ولماذا يعملون في نظام يفترس شبابهم بحجة أنهم عندما يصبحون دكاترة كبارا ستتضاعف أجورهم ويعيشون حياة أكثر رفاهية؟
وأخيرا الحديث عن إهمال الأطباء, عندما يتصور البعض أن الطبيب هو مدير المستشفي أو صاحبها وليس مجرد موظف يبذل جهده في حدود الإمكانات المتاحة له, فما بالنا عندما نتحدث عن إمكانات مستشفي حكومي يستقبل عشرات, بل ومئات المواطنين كل يوم.
سيدي.. الأطباء في مصر عندما يقررون التفوق.. فلا أقول لك إنهم لن يملكوا وقتا لأسرهم.. لكنهم لن يملكوا وقتا حتي لأنفسهم.. وقت الطبيب كله للطب, عالمه هو مرضاه أو ـ حالاته ـ.. فإن لم يجد منكم مساندة, فيكفيه أن تكفوا ألسنتكم عنه.
منة الله صابر
زوجة أحد الأطباء المتفوقين
لاشك فى ان الاطباء ملاك الرحمه بالنسبه للمرضى ولكن الطب كائ وظيفه يوجد بها القدير بالاحترام وهناك من تلعنه الام المرضى وبالختام اشكر زوجك الذى يحترم وظيفته
ردحذف