أنا يا سيدي فتاة في السادسة والعشرين من عمري أنهيت دراستي
بكلية الطب وأستعد الآن لدراساتي العليا للحصول على الماجستير ثم الدكتوراه إن شاء
الله ولقد كانت دراستي ومازالت هي اهتمامي الأول لكنه ليس الوحيد فأنا حريصة أيضا
على الاهتمام بمظهري وقد وهبني الله جملا لا تخطئه العين كما وهبني القدرة على حب
الناس حتى من لا أشعر بأنهم يبادلونني نفس الإحساس , فكنت دائما ملجأ لزميلاتي في
أوقات ضيقهن فأنصحهن بما أراه صوابا , أما بالنسبة لزملائي فقد تقرب كثيرون منهم
محاولين استمالتي
لكني لم أجد في نفسي أي ميل للاستجابة لهذه المحاولات المهذبة
فكانت طريقتي هي الصد بمودة لا تقطع علاقات الزمالة ولكن بحزم أيضا يمنع الزميل من
تكرار المحاولة بغير مرارة في النفوس أو أي إحساس بالاهانة , وكذلك نفس الحال مع
من يتقدمون إلي عن طريق الأهل والأصدقاء , ولم أكن أسأل نفسي لماذا لا أميل لهذا
أو لذلك فقد كان قلبي موصدا كباب قلعة حصينة وكان هذا دائما مثار قلق أبي وأمي
ومثار دهشة صديقاتي وأختي الصغرى خاصة أنه لم يكن لدي وجهة نظر قوية أبرر بها رفضي
المتكرر لمن يتقدمون لي أو أدافع بها عن موقفي .
وأنا الآن يا سيدي أنتظر ردك على
رسالتي كالمتهم البريء الذي ينتظر إما حكم البراءة أو حكما قاسيا , ولن أحاول
التأثير على مشاعرك لكن فقط أود أن أذكرك أن ردك سيحدد مصيري ومصير حبيبي لأني
عاهدت نفسي أن ألتزم به مهما كان مؤلما لي وكحل أخير للخروج من حيرتي التي شلت كل
شيء في حياتي .
وانجح الزيجات بصفة عامة هي
الزيجات التي تتوافق فيها أحكام القلب مع أحكام العقل .. ويتوافر فيها التكافؤ بين
الزوجين من كل الوجوه , وفي عوامل التكافؤ فإني لا أتوقف طويلا أمام التكافؤ
المادي لأنه أضعفها تأثيرا على الحب , لكني أتوقف دائما عند التكافؤ الاجتماعي
والثقافي بين الطرفين لأنه فعلا بؤرة الاختبارات التي تمتحن الحب وتعجم عوده, وفي
حالتك فإن التكافؤ المادي متوافر , والتكافؤ الثقافي قد يمكن تجاوزه بصعوبة لأن
المعرفة والثقافة متاحة للجميع من مصادر عديدة وهي ليست رهينة بالشهادات العلمية
والجامعية وحدها وإنما باستيعاب الإنسان لحقائق العصر واهتمامه بمتابعة ما يجري
حوله .
يبقى إذن العامل الهام وهو
التكافؤ الاجتماعي بين الأسرتين وبين القيم السائدة في البيئتين وهو كما قلت
أصعبها وأكثرها تأثيرا على استمرار الزواج ونجاحه أو فشله وانهزام الحب, لأنه
امتحان يومي للتوافق ...أو الاختلاف حول أمور الحياة اليومية .. وأبسط سلبياته
هو شعور الاستعلاء والتميز الاجتماعي الذي يمكن أن يحمله طرف تجاه طرف آخر فينعكس
لدى الطرف الأخير في الاحساس بالنقص الذي يفتح الباب لكثير من المشاكل وغير ذلك
كثير منه فمثلا إن ما يعتبر أمرا عاديا في وسط معين قد يعتبر عيبا في وسط آخر
...إلخ واختلاف العادات والقيم سبب أساسي من أسباب انعدام التوافق وفشل الحياة
الزوجية وحقائق هذا العامل بالذات ليست كاملة أمامي وأنت تعرفينها أكثر مني لذلك
فإني أترك لك الحكم عليه ...فإذا توصلت بعد تفكير هادئ إلى أن الوضع الاجتماعي
لكما شديد التناقض بما يمكن أن يهدد استقرار الحياة الزوجية في المستقبل فمن واجبك
أن تعترفي بذلك وأن تتخذي قرارك على أساسه أما إذا توصلت إلى أنه ليس متفاوتا بهذه
الحدة , فاستجمعي إرادتك و شجاعتك وواجهي أبويك برغبتك في الارتباط به وتحملي
العاصفة حتى تمر ... واحرصي على أن تحصني سعادتك بموافقة الأهل على زواجك وتأييدهم
أو على الأقل قبولهم له .
والأهل قد يرفضون ما لا يرونه
محققا لسعادة أبنائهم بحساباتهم هم لكنهم إذا استشعروا صدق رغبة الأبناء فيما
يريدونه لأنفسهم واستقر في يقينهم أنهم لن يسعدوا إلا به وسيشقون بغيره .. فإنهم
يسلمون برغبة الأبناء في النهاية لأنهم لم يستهدفوا أصلا إلا ما تصوروه محققا
لسعادتهم وهم مهما فعلوا لا يملكون لأبنائهم الراشدين سوى النصيحة والتحذير .
لهذا فالأمر كله بين يديك .. فأن
اقتنعت اقتناعا كاملا لا يداخله الشك بأنه يستحق الكفاح مع أبويك لإقناعهما فهيا
إلى الكفاح بلا تردد.
أما إذا داخلك الشك ولو للحظة في
جدارته بالعناء وتحمل تبعاته فلا تترددي في أن تضعي السطر الأخير في هذه القصة
كلها وفورا لأن جرح الحب في بدايته سريع الالتئام .. أما إذا تعمق واتسع وأصبح
غائرا فإنه يحتاج إلى علاج طويل قبل أن يبرأ القلب منه ويسترد نضارته ..فاختاري
لنفسك يا آنستي لأنك أنت من ستتحملين تبعة الاختيار وليس أحدا غيرك ...وشكرا
رحمك الله استاذ عبد الوهاب افتقدناك في عالم تنقصه الحكمة وينقصه العقل وينقصه الضمير
ردحذفرحمك الله واسكنك فسيح جناته أستاذ عبدالوهاب مطاوع
حذفرحمة الله عليك ، مقالك الاسبوعي كان يمثل بالنسبة لي غذاء روحيا اسبوعيا ، وكنت انا وابنة اختي نجلس اسبوعيا في نقاش رائع حول مقالك ، افتقدك حقا
حذفجرح الحب في بدايته سريع الالتئام ..
ردحذفاقر بحسن الرد من كاتبنا رحمه الله وهذه تجربه شخصيه فانا خريج احدي كليات القمه العمليه واسرتي متوسطه الحال اقترنت ببنت ابوها سباك وانجبت منها ولدان الان في عمر الشباب ولان كل انا ينضح بما فيه ولم اري عيوبها وعيوب اهلها الا بعد ان تزوجتها والان اعاني منه الامرين وقمت بتطليقها وحين سات نفسيه ولداي بدرجه كبيره بسبب الطلاق ردتها وعادت لدناتها اخري فنصيحه لمن يتزوج ابحث عن ما يساويك اجتماعيا وفكريا واخلاقيا ولا تنخدع بما يزين لك.
ردحذف