الاثنين، 2 يناير 2012

1) رساله (بحر الكراهية) الحب لا يشتري ولا يباع

كتبت إليك منذ ثماني سنوات ولم تجد رسالتي فرصة النشر‏,‏ والآن أعاود الكتابة مرة أخري‏.‏ فأنا سيدة في الخامسة والأربعين من عمري تزوجت منذ‏21‏ عاما من إنسان توسمت فيه أن أجد لديه كل ما تمنيته في الرجل‏.‏
فلقد كانت طفولتي تعيسة للغاية فقد رحلت أمي عن الحياة وأنا طفلة لا يزيد عمرها علي عام ونصف العام‏,‏ وتقلبت بي الحياة بين أيدي ثماني زوجات أب كان لكل منهن أسلوبها معي ووجدت منهن ما جعلني أكره حياتي وأتطلع لمغادرة بيتي إلي بيت زوج يعوضني عما عانيته في حياتي من شقاء‏,‏ وتزوجت أول من طرق بابي‏
,‏ واصطدمت بعد زواجي منه بشخصيته التي تختلف عن شخصيتي في كل شيء‏,‏ فهو من النوع العنيف الذي يعالج أموره بالضرب‏,‏ وكثيرا ما كان ضربا مبرحا يترك آثارا تستمر لعدة شهور علي وجهي وجسدي‏,‏ وفي خلال عامين أنجبت منه طفلين وأنا كارهة ومن أجلهما احتملت الحياة مع رجل لم أعد أطيق عشرته وأصبح وجوده في البيت كابوسا ثقيلا وكرهته كل الكرة‏,‏ فلم يكن بيننا ذات يوم حوار إلا وانتهي بالضرب والشتم والسب‏,‏ ولقد أصبحت أكره ملامح وجهه لم أعد أنظر إليها منذ‏15‏ عاما ولقد اضطررت‏,‏ وليسامحني الله في ذلك ـ أن أنفصل عنه وأنام في حجرة أطفالي منذ سنوات بعيدة لكني بالرغم من ذلك لم أكن أرفضه إذا دعاني‏,‏ وكانت هذه هي أكثر أوقاتي عذابا ومعاناة‏.‏

ومضت السنوات بخيرها وشرها فلم أستطع العودة إلي حجرة نومي أبدا‏,‏ ولقد حاول هو كثيرا اعادتي إليها وفشل‏,‏ فاسلوبه لم يتغير والحياة معه حرمان من كل شيء‏,‏ وكلما طلبنا منه شيئا ضروريا تكون الإجابة هي الضرب‏,‏ وكلما ضربني كرهته أكثر حتي أصبح كرهي له بلا حدود‏,‏ ولم يكن لي خيار في استمرار الحياة معه‏,‏ فلقد كان من المستحيل أن أعود إلي بيت زوجة الأب مرة أخري‏,‏ وإمكاناتي لا تسمح لي بالعيش وتحمل مسئولية أبنائي‏,‏ ولقد كان من رحمة ربي بي أنه كان كثير السفر في عمله‏,‏ فصبرت علي حياتي معه حتي كبر أبنائي والتحقوا بالجامعة منذ عامين‏,‏ والكارثة الآن هي أن زوجي قد ترك العمل وتفرغ للجلوس في البيت وأنا لم أعد أتحمل وجوده المستمر فيه لكرهي الشديد له‏,‏ ولا أعرف لماذا لم يطلقني وقد طلبت منه الطلاق مليون مرة‏.‏
ونوبات الاكتئاب لم تفارقني منذ زواجي‏,‏ وقد مرض زوجي أخيرا بمرض معد عن طريق الدم وأكد لي الطبيب ذلك‏,‏ وزوجي دائم الشجار معي لهجري له وأنا زوجة لا تستطيع أن تكون زوجة لكرهها الشديد لزوجها‏..‏ فماذا أفعل في مشاعر الكراهية هذه وهي لا حيلة لي فيها لأنها حصاد رحلة العمر المريرة‏.‏
إنني أتمني أن أعيش مع أولادي وحدي وأن يتركني ذلك الرجل ويبحث لنفسه عن زوجة أخري‏,‏ فقد ضاع عمري معه في حياة خالية من كل معني ومن السعادة‏.‏الآن إلا في الانفصال عن زوجي لأنني لا أريد أن أراه أو أسمع صوته وأكره كل شيء فيه منذ‏15‏ عاما كاملة‏!‏
وإنني أسألك يا سيدي‏:‏ أليس من حقي أن أحيا ما بقي لي من عمر بدون هذا الرجل فأتنفس الصعداء وأتخلص من الاكتئاب الذي يخيم علي حياتي؟‏!‏

««‏ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏»»‏
‏ لا حصاد لمثل هذه العشرة السيئة إلا اختزان المرارة وترسبها في الأعماق وتحولها مع مر السنين إلي كراهية متأصلة لا يجدي معها نصح ولا حديث‏!‏إذ ماذا ينتظر العشير الذي لا يتفاهم مع شريكة الحياة إلا بالضرب المبرح الذي يترك آثارا علي الجسد والوجه لعدة شهور‏,‏ سوي أن تنطوي له زوجته علي ما يشبه الحقد المكظوم الذي ينتظر تغير الظروف لكي ينفجر في وجهه معبرا عن نفسه بلا حرج ولا تجمل؟
لقد قلت من قبل إن بعض الزوجات قد تضطرهن ظروف الحياة والحرص علي مصلحة الابناء إلي احتمال عشرة شريك الحياة والصبر عليها إلي أن يشب الأبناء عن الطوق وتنتهي الحاجة المادية للزوج‏,‏ فتنفجر الكراهية المختزنة في أعماقهن طوال سنوات الصبر والاحتمال‏,‏ ويقوم حاجز نفسي منيع بين الزوجة وزوجها تفشل معه كل المحاولات فيعيش الزوجان تحت سقف واحد وقد تحولا إلي غريبين لا ينطوي أحدهما للآخر إلا علي أسوأ المشاعر‏,‏ أو تحتمي الزوجة ببيوت أبنائها رافضة اقتسام الحياة من جديد مع زوجها‏,‏ أو تصر الزوجة في بعض المضاعفات الشديدة علي الحصول علي الطلاق والانفراد بحياتها دون النظر لأي تبعات تترتب علي هذا الانفصال‏.‏
ولا عجب في ذلك إذ ماذا ينتظر العشير ـ زوجا كان أو زوجة ـ من شريك الحياة إذا هو قهر إرادته بالحاجة ومصلحة الأبناء سنوات طوالا حين يتحرر الشريك من هذا القيد بنمو الأبناء ويسترد قدرته علي الاختيار‏.‏
لقد شرع الله سبحانه وتعالي الخلع للمرأة التي تعجز عن احتمال عشرة زوجها لكراهيتها الشديدة له حتي ولو لم تنكر عليه خلقا ولا دينا فرخص لها بأن ترد عليه ما سبق أن أدي إليها من مال وتختلع منه‏.‏ولقد روي لنا الاثر تلك القصة المعروفة عن امرأة ثابت بن قيس التي شكت إلي الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه أنها تكره زوجها كراهية شديدة وإن لم تكن تنكر عليه شيئا من خلقه أو دينه فأمرها أن ترد عليه ما أخذته منه وأمره بأن يطلقها كما روي لنا الأثر أيضا أن الرسول الكريم‏,‏ صلوات الله وسلامه عليه ـ قد رق قلبه لرجل انفصل عن زوجته وهو راغب فيها فذهب إليها الرسول يحدثها في عودتها إليه فسألته علي استحياء‏:‏ هل جاء شافعا أم آمرا؟ فأجابها بأنه انما جاءها شافعا وليس آمرا‏,‏ فأجابته‏:‏ اذن فلا أعود‏!‏ فلم يرغمها الرسول الكريم علي ما لا تريده ولم يتهمها في دينها ولا في طاعتها لربها ولرسوله‏.‏لكن المشكلة لا تتمثل في حقك في أن تتنفسي الصعداء بعد سنوات الصبر والاحتمال وأن تعيشي مع أبنائك بغير زوجك‏,‏ وإنما المشكلة هي كيف يتحقق لك ذلك وأنت بلا مال ولا إمكانات لتوفير المأوي الكريم لك بعد الانفصال‏,‏ كما أن زوجك ليس قادرا فيما يبدو لي من أحواله علي أن يوفر لك ولأبنائك مسكنا مستقلا ويتزوج هو ممن ترضي بمشاركته الحياة في مسكن الزوجية‏,‏ فما العمل اذن‏!‏ هل نطالبه كما تحلم بذلك بعض الزوجات الكارهات بأن يتلطف الزوج المكروه بالاختفاء من حياة زوجته وأبنائه ويخلي لهم مأواه الوحيد ويبحث لنفسه عن غرفة في أي مكان ليعيش فيها وحيدا عليلا ما بقي له من عمر لأن زوجته تكرهه أشد الكراهية ومع استمراره في الإنفاق علي ساكني الجنة التي طرد منها بغفلته وقسوته وسوء عشرته لزوجته؟وهل يقبل زوجك بهذا الحلم الحسير الذي يراودك ويراود مثيلاتك من الزوجات الكارهات؟لقد أخطأ زوجك في حقك كثيرا وزرع بذور كرهك له في أعماقك علي مر السنين‏,‏ ولكن ألا تستطيعين ما دمت غير قادة علي أي حل آخر أن تغالبي نفسك وتحاولي النظر إلي وجهه الذي كففت عن مجرد النظر اليه طوال السنوات الماضية بنظرة جديدة خالية من مرارات الماضي وذكرياته ان المرض المعدي الذي حدثتني عنه يقدم الاطباء بحقن الزوجة ومخالطي المريض بمصل يقيهم خطر العدوي منه‏.‏ وزوجات كثيرات يخالطن أزواجهن المرضي بهذا المرض بغير خوف من العدوي بعد المصل؟ فهل فكرت في التحصين ضده؟وألا تحاولين ما دمت عاجزة عن أي بديل آخر تحييد مشاعرك تجاه زوجك بما يخفف عنك بعض عناء الحياة ويعينك علي مواصلة أداء رسالتك مع أبنائك بغير أن تعرضيهم للمتاعب؟
إن الحب لا يشتري ولا يباع وإنما هو شعلة ذاتية الاشتعال تتطلب دائما رعايتها والحرص عليها لكي ينمو ويستمر لهبها عاليا ويصمد لرياح الحياة‏,‏ ولهذا فلست أطالبك ـ وأنت من تحملين لزوجك كل هذه الكراهية ـ بحبه أو الوقوع في غرامه بعد كل ما جري منه لكني أطالبك فقط بمحاولة تحييد مشاعرك تجاهه‏..‏ ومحاولة نسيان مرارات الماضي‏,‏ رفقا بك أنت وبحالتك النفسية وجهازك العصبي قب
انشر
-

هناك تعليقان (2):

  1. وبعد عده ايام نشرت رساله اخري بعنوان (محيط الكراهية‏!‏) لنفس الزوجه قائله:
    أنا صاحبة رسالة بحر الكراهية التي نشرت في ‏««‏بريد الجمعة‏»»‏ منذ أسابيع‏..‏ وأنا الزوجة التي بحصاد السنين كرهت زوجها ولم تعد تستطيع أن تكون زوجة وكان ردك هو الصبر رغم أن الأولاد وصلوا للجامعة ورغم ماأعاني من آلام نفسية نتيجة إحساسي بغضب ربي حيث أنني زوجة لا تقيم حدود الله مع زوجها أشعر أنني وأنا أنام وحدي كل ليلة ان الملائكة تلعنني حتي الصباح فماذا أفعل وقد فقدت القدرة علي غير ذلك منذ عام وبالتحديد منذ آخر مرة قام بضربي فيها أمام أولادي وكانت هذه المرة هي الفاصلة بيننا فإزددت بعدا وطلبت منه الطلاق لأنني أكرهه وصارحته بذلك فما كان منه الا أن قال لي لابد أنك تخططين لحياتك في اتجاه آخر وهكذا أهانني وسكت وأنا علي حال من الاكتئاب والتعب النفسي الرهيب‏.‏
    وما لاتعلمه ياسيدي من أحوالنا هو أنني موظفة منذ‏21‏ عاما وصرفت كل مرتبي خلالها علي البيت أي ما لا يقل عن‏35‏ ألف جنيه هي مرتباتي في هذه السنين ولم أدخر لنفسي شيئا ولقد خرج هو من عمله وتقاضي مكافأة جيدة فصممت علي أن أخذ منه مبلغ عشرة آلاف جنيه وهو جزء بسيط مما دفعته في البيت طوال عمري واعطاها لي بعد معاناة‏..‏ أما هو فالحمد لله أحواله المادية قد تحسنت جدا بعد خروجه من عمله وبعد ان ذقنا كل ألوان الحرمان لأكثر من خمسة عشر عاما‏..‏ ومنذ شهر تقريبا قام بشراء شقة صغيرة من أجل الأبناء وكل ما أراه الآن أمامي هو الانفصال علي أن اقوم بخدمة أولادي في كل وقت يحتاجونني فيه ان وافق هو علي ذلك ولم يقم بطردي نهائيا فأنا أتمني أن يتركني أخدم أولادي علي أن أعيش في بيت زوجة أبي واخواتي‏..‏ أو يتركني اعيش في الشقة الجديدة مع أحد اخوتي الي أن يحتاج الي الشقة أحد الأبناء للزواج فأتركها وأعود لبيت أبي‏.‏ أو يعيش هو في الشقة الجديدة ويتركني مع أولادي الي أن يتزوجوا فأترك له البيت وأعود لمنزل أبي فالمهم هو ان أخدم أولادي بأي طريقة وفي كل وقت الي ان يصبحوا في غير حاجة اليفاستريح في اي مكان ما بقي لي من عمري والمهم أيضا هو ان أشعر بأذن الله راض عني فشعوري بغضب الله والسماء واللعنة علي في كل وقت يعذبني واشعر أنني أموت في كل يوم فماذا أفعل وحالات الاكتئاب لا تتركني‏.‏
    أنني أرجورك ان توجه إليه كلمة بأن يطلق سراحي مع اتباع الرحمة معي بان يدعني أخدم أولادي وألا يحرمني منهم ولسوف يرزقه الله بزوجة تستطيع ان تلبي له احتياجاته التي عجزت أنا عن أن أقدمها له منذ سنوات طويلة‏.‏

    ردحذف
  2. وكان رد صاحب البريد علي رساله محيط الكراهيه كالاتي:


    ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏
    كانت نصيحتي لك يا سيدتي بالصبر ومراجعة النفس أكثر من مرة قبل التسليم بالفشل نابعة من حرصي علي أن تبذلي أولا غاية جهدك في محاولة الإصلاح وتحمل ظروفك والاستمرار من أجل الأبناء‏,‏ لكيلا يجيء يوم يحاسبك فيه هؤلاء الأبناء أنفسهم أو يتهموك فيه بالتقصير في محاولة الحفاظ لهم علي حياتهم العائلية المستقرة‏..‏ وعلي البيت الذي يهجعون فيه إلي مخادعهم آخر الليل وهم آمنون لوجود أبويهم معهم تحت سقف واحد‏,‏ فهذا هو واجب كل أب وكل أم تجاه أبنائه الذين لم يستشرهم قبل أن يجيء بهم إلي الحياة‏..‏ ولا ذنب لهم في سوء اختياره رفيق حياته‏,‏ فإذا ذهبت الحيلة وعجز المرء في النهاية عن استمرار التحمل فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها‏..‏ وليس لي أو لغيري لومه علي ذلك مادام قد بذل غاية جهده لمحاولة إنقاذ السفينة من الغرق بلا طائل‏.‏
    أما المسارعة بهدم الأسر الآمنة قبل استنفاد كل السبل الممكنة للإصلاح أو قبل مغالبة النفس طويلا وبإخلاص علي التحمل والاستمرار من أجل الأبناء فليس من الدين ولا من الرحمة بهؤلاء الأبناء في شيء‏.‏ فالزواج ميثاق غليظ لا يفضل فكه إلا للضرورة القصوي وبعد العجز التام عن الاصلاح والاستمرار‏,‏ وليس عند أول خلاف أو بادرة زهد في الطرف الآخر مادام هناك أبناء يشقون بانفصال الأبوين‏,‏ ويسعدون باجتماع شملهما أيا كان نوع العلاقة الشخصية بينهما‏.‏
    وديننا يفضل التريث في ايقاع الطلاق‏,‏ ويكره التعجل فيه‏,‏ وهذا هو المفهوم من ختام الآية الكريمة من سورة الطلاق لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا كما انه زيادة في الحرص علي الأبناء يعتبر الطلاق وقفا مؤقتا لعلاقة تحتاج الي اعادة النظر فيها وليس حسما صارما لها‏,‏ ومن هنا جاءت حكمة بقاء المرأة خلال العدة في بيت الزوجية بعد الطلاق لعل المشاعر تتغير أو لعل الأبناء ينجحون في تحريك قلبي الأبوين‏,‏ واعادة المياه إلي مجاريها بينهما‏,‏ لهذا فنحن لا نهلل للطلاق بين زوجين يجمع بينهما الأبناء برباط متين وإنما نسلم فقط بالطبيعة البشرية وبأن لكل انسان طاقته القصوي علي التحمل التي لا يستطيع تجاوزها‏.‏
    فإذا كنت قد بلغت هذا الحد الأقصي من قدرتك علي التحمل والاستمرار‏,‏ ولم يعد في قوسك منزع جديد فمن واجب زوجك ألا يجادل في تسريحك بإحسان‏,‏ وألا يحول بينك وبين رعايتك أبنائك علي النحو الذي يحقق لهم مصلحتهم ويجنبهم بقدر الإمكان الآثار السلبية التي لا مفر منها للانفصال‏.‏

    ردحذف

;