
أنا فتاة في السادسة والعشرين من عمري، نشأت في أسرة متوسطة
لأب موظف، شعرت منذ صغري بعدم تفاهمه مع أمي وبالخلافات الكثيرة التي تقع بينهما،
وكانت أمي تحاول دائما ألا تظهر هذه الخلافات أمام أحد وأن تظهر أمام الناس دائما
كأسرة سعيدة، في حين أن أبي طيب القلب لكنه لا يظهر مشاعره لأحد، وقليل الكلام ولا
يحاول أن يقترب منا أو أن يعرف مشاكلنا، وكنت أنا أكثر اخوتي تأثرا بهذا الوضع،
فكانت كل مشاكلي داخل نفسي لا أبوح بها لأبي ولا لأمي، ولهذا السبب لم أحاول أن
استعين برأيهما فيما استشيرك فيه الآن، فلقد تخرجت في كليتي وعملت سريعا في أحد
الأماكن الخاصة،
وكان معي في نفس المكان أحد زملائي بالكلية، وبدأت أشعر بالاعجاب تجاهه، كما كان معنا أيضا بعض الزميلات من نفس الدفعة، ولم يتقدم هو أية خطوة ناحيتي، فقررت احتواء هذا الاعجاب والاكتفاء بالزمالة والصداقة الى أن جاء يوم وشعر فيه هذا الزميل ببعض الآلام، فقام بإجراء التحاليل اللازمة ثم أجرى بعض الاشعات، فإذا بها تكشف عن اصابته بمرض خطير في الأمعاء، وأصابنا الذهول جميعا، فالإنسان يظن نفسه بعيدا عن المرض الى أن يصيبه أو يصيب شخصا قريبا منه فيعرف أنه قريب منا جميعا، وحين عرفنا ذلك قضينا يوما حزينا وبكينا كلنا اشفاقا على هذا الزميل، وتوالت الأحداث بعد ذلك سريعا وأجريت له عملية جراحية ووقفنا جميعا الى جانبه، واعترفت لنفسي بأنني أحبه وكنت دائمة السؤال عنه وهو يقضي فترة النقاهة في منزله، وبدأت أشعر كذلك باهتمامه بي بغير أن يصرح لي بشيء ربما لظروفه الصحية، ثم بدأ مرحلة العلاج التالية للجراحة وساءت حالته النفسية بعض الشيء، وبدأ يحصل على اجازات قصيرة خلال العلاج ثم يرجع للعمل الى أن جاء يوم وصرح لي فيه بحبه وكنت سعيدة بذلك بالرغم من الظروف الصعبة المحيطة به، واتفقنا على أنه بعد انتهاء مرحلة العلاج سيبحث عن عمل أفضل لكي نستطيع أن نرتبط رسميا، وكنت أعرف أن الأمل ضعيف في هذا الارتباط نظرا لظروفه الصحية، لكني استمسكت بهذا الأمل وبإيماني بأن المرض لا يختار أحدا بذاته وإنما يمكن أن يحل بأي إنسان، ومضت فترة العلاج الصعبة، وكان يضعف في بعض الأحيان وتسوء حالته النفسية لكنه كان يستعين بإيمانه بربه وبوجودي في حياته على الاحتمال، وكانت هذه الفترة شديدة الصعوبة أيضا بالنسبة لي إذ كنت كلما سمعت عن إنسان هزمه نفس هذا المرض تنتابني حالات من البكاء الشديد والحزن، ولم أكن أعرف ماذا أفعل، هل ابتعد عنه واتخلص من هذه الضغوط، لكن كيف أقدر على ذلك وأنا أحبه، وماذا سيحدث له أن تخليت عنه في هذه الظروف القاسية؟!، لقد حسمت أمري وقررت ألا اتخلى عنه وفي هذه الفترة علمت أمي بطريق المصادفة بقصة ارتباطي به ورفضته، وكذلك رفضه أبي بسبب ظروفه الصحية وكدت أكتب لك في هذه الفترة من حياتي لأناشدك أن تكتب كلمة تقول لهما فيها انني من الممكن ان ارتبط بإنسان سليم ثم يمرض بعد الزواج، ومن الممكن أيضا أن ارتبط بإنسان وأنا في كامل صحتي، ثم يصيبني المرض فهل سأسعد إذا تخلى عني..؟!
وكان معي في نفس المكان أحد زملائي بالكلية، وبدأت أشعر بالاعجاب تجاهه، كما كان معنا أيضا بعض الزميلات من نفس الدفعة، ولم يتقدم هو أية خطوة ناحيتي، فقررت احتواء هذا الاعجاب والاكتفاء بالزمالة والصداقة الى أن جاء يوم وشعر فيه هذا الزميل ببعض الآلام، فقام بإجراء التحاليل اللازمة ثم أجرى بعض الاشعات، فإذا بها تكشف عن اصابته بمرض خطير في الأمعاء، وأصابنا الذهول جميعا، فالإنسان يظن نفسه بعيدا عن المرض الى أن يصيبه أو يصيب شخصا قريبا منه فيعرف أنه قريب منا جميعا، وحين عرفنا ذلك قضينا يوما حزينا وبكينا كلنا اشفاقا على هذا الزميل، وتوالت الأحداث بعد ذلك سريعا وأجريت له عملية جراحية ووقفنا جميعا الى جانبه، واعترفت لنفسي بأنني أحبه وكنت دائمة السؤال عنه وهو يقضي فترة النقاهة في منزله، وبدأت أشعر كذلك باهتمامه بي بغير أن يصرح لي بشيء ربما لظروفه الصحية، ثم بدأ مرحلة العلاج التالية للجراحة وساءت حالته النفسية بعض الشيء، وبدأ يحصل على اجازات قصيرة خلال العلاج ثم يرجع للعمل الى أن جاء يوم وصرح لي فيه بحبه وكنت سعيدة بذلك بالرغم من الظروف الصعبة المحيطة به، واتفقنا على أنه بعد انتهاء مرحلة العلاج سيبحث عن عمل أفضل لكي نستطيع أن نرتبط رسميا، وكنت أعرف أن الأمل ضعيف في هذا الارتباط نظرا لظروفه الصحية، لكني استمسكت بهذا الأمل وبإيماني بأن المرض لا يختار أحدا بذاته وإنما يمكن أن يحل بأي إنسان، ومضت فترة العلاج الصعبة، وكان يضعف في بعض الأحيان وتسوء حالته النفسية لكنه كان يستعين بإيمانه بربه وبوجودي في حياته على الاحتمال، وكانت هذه الفترة شديدة الصعوبة أيضا بالنسبة لي إذ كنت كلما سمعت عن إنسان هزمه نفس هذا المرض تنتابني حالات من البكاء الشديد والحزن، ولم أكن أعرف ماذا أفعل، هل ابتعد عنه واتخلص من هذه الضغوط، لكن كيف أقدر على ذلك وأنا أحبه، وماذا سيحدث له أن تخليت عنه في هذه الظروف القاسية؟!، لقد حسمت أمري وقررت ألا اتخلى عنه وفي هذه الفترة علمت أمي بطريق المصادفة بقصة ارتباطي به ورفضته، وكذلك رفضه أبي بسبب ظروفه الصحية وكدت أكتب لك في هذه الفترة من حياتي لأناشدك أن تكتب كلمة تقول لهما فيها انني من الممكن ان ارتبط بإنسان سليم ثم يمرض بعد الزواج، ومن الممكن أيضا أن ارتبط بإنسان وأنا في كامل صحتي، ثم يصيبني المرض فهل سأسعد إذا تخلى عني..؟!
ان الصحة والمرض بيد الله سبحانه وتعالى وقد ينتقم الله
سبحانه وتعالى مني ويصيبني بنفس المرض إذا أنا تخليت عنه لهذا السبب، ولقد اقتنع
أهلي في النهاية وتمت قراءة الفاتحة، وتحسنت ظروف خطيبي الصحية والعملية، فانتقل
للعمل في شركة كبرى بالرغم من صعوبة الكشف الطبي اللازم للتعيين فيها، واستمرت
الخطبة عامين ولم تعد حالته الصحية تثير قلقي وهواجسي، وكان يجري فحوصه الدورية
بانتظام وتجيء النتائج جيدة، كما كان حنونا معي وعوضني عن الكثير من الحنان الذي
كنت افتقده لدى أبي، ثم أراد خطيبي أن يجري لنفسه تحليلا للتأكد من قدرته على
الانجاب لأن العلاج الذي تلقاه قد يؤثر عليه، وكنت أشك في ذلك أنا أيضا، لكني طلبت
منه أن يؤجل هذا التحليل لما بعد الزواج لكي لا نفتح على أنفسنا أبوابا جديدة
للحيرة والقلق بعد أن دام ارتباطنا عامين، فلم يقتنع خطيبي بذلك وأجرى التحليل
فإذا به يؤكد عدم قدرته على الانجاب، ومع انه كان يتوقع ذلك وكنت أتوقعه أيضا إلا
أن التوقع شيء وحدوثه بالفعل شيء آخر، واتصل بي خطيبي وقال لي انني الآن في موقف
القوة ويجب أن أقرر إذا كنت سأستمر معه أم لا؟!
واعترف لك انني كنت أتوقع منه أن يبادرنيهو بقرار الافتراق
ويصر عليه فأكون أنا من ترفضه وتستمسك به للنهاية.
لهذا فلقد تضايقت قليلا ووقعت في بحر من الحيرة.. وترددت هل
استمر معه وألا يحتمل ان أندم بعد عدة أعوام على استمراري معه.
غير أنني كتمت كل هذا الحوار داخلي كما كتمت هذه المشكلة عن
أبي وأمي، وانتهيت الى اتخاذ قراري بالاستمرار معه لأنني لو كنت مكانه وتخلى هو
عني كنت سأصدم صدمة قاسية، ولأنني اعرف ايضا ان هذا شيء ليس بيد أحد، كما انني
ايضا أثق في قدرة الله التي تعلو على كلام الأطباء وعلى كل شيء، وبدأ خطيبي محاولة
العلاج.. وهو يتطلب وقتا طويلا وصبراً، وتم تحديد موعد الزفاف القريب، وبالرغم من
أنني قد اتخذت قراري إلا أنه تنتابني أحيانا حالات من القلق والحيرة وأسأل نفسي هل
أنا على صواب فيما فعلت.. أم ترى أنني انسانة خيالية في عالم شديد الواقعية..
وماذا لو لم يأت العلاج بنتائجه المأمولة؟ هل سأستطيع مواصلة المشوار معه بدون
أطفال؟
ان بعض لناس لم يرزقهم الله أطفالا وعاشوا في منتهى السعادة،
فهل سأكون مثلهم؟
انني أحيانا أشعر بالسعادة لاقتراب الزفاف.. وأحيانا أقع
فريسة للحيرة ولا أعرف ماذا أفعل ولهذا قررت أن أكتب اليك وان استشيرك: هل أنا على
الصواب فيما فعلت؟
إنني بحاجة لمن يقول لي انني على صواب لأعرف ان هذا ليس رأيى
وحدي وان كنت على خطأ وظلمت نفسي فسأحاول ان أؤجل الزفاف الى أن يقضي الله أمرا..
وشكرا لك..
ولكاتبة هذه الرسالة اقول:
الانسان يحتاج دائما الى ما يؤكد له صحة اختياراته خاصة حين
تكون مصيرية او مثيرة للجدل والحيرة، غير أنني قد لاحظت شيئا غريبا في قصتك يستحق
التوقف أمامه والتفكر فيه طويلا. فأنت يا آنستي لم تستسلمي للتردد كثيراً حين علمت
بمرض فتاك الخطير.. ولم تنكصي عن الاستمساك به والوقوف الى جانبه وهو يواجه محنته
الصحية، وانما حسمت التردد الوقتي داخلك بالتسليم بأن الصحة والمرض بيد الله
سبحانه وتعالى وحده، وبأن المرض قد يصيب انسانا في أي مرحلة من العمر.. ولهذا فلا
مجال للتردد أمام الارتباط بشاب امتحنته اقداره بمحنة المرض. لكنك على الجانب
الآخر قد غلبتك الحيرة حتى بالرغم من قرارك بالاستمرار في ارتباطك بفتاك حين علمت
بأن العلاج قد اثر على قدرته على الانجاب، وانك قد لا تستطيعين الانجاب منه بعد
الزواج.. فهل يعني ذلك ان غريزة الأمومة اقوى لديك من كل الاحتياجات الانسانية
الاخرى؟
لقد اخترت ألا تتخلى عن فتاك بالرغم من حرج حالته الصحية
وخطورة مرضه ولم تتوقفي لتتساءلي هل أنت على خطأ أم على صواب في هذا القرار وأقنعت
والديك بفتاك حتى قبلاه.. لكنك احتجت لمن يدعم لديك اختيارك للاستمرار في الارتباط
به حين علمت باحتمال ألا تنجبي منه أطفالا بعد الزواج؟ وتساءلت هل ستندمين على هذا
الاختيار أم سيعوضك الحب والسعادة والوفاق عما تفتقدين في حياتك المستقبلية، ولا
معنى لذلك سوى ان اقتناعك بهذا الاختيار قد اهتز بعنف امام احتمال الحرمان من
الأمومة والإنجاب، بأكثر مما تأثرت بحرج الحالة الصحية لمن اخترت الارتباط به.
ولا معنى له ايضا سوى ان تصميمك على الارتباط بمن احببت ووقفت
الى جواره في اصعب الظروف التي واجهته لم يعد بنفس القوة التي كان عليها من قبل.
ويتطلب ذلك منك ان تكوني صادقة مع نفسك قبل اي انسان آخر وان
تتخذي قرارك وفقا لاقتناعك أنت وايمانك بما تفعلين بحياتك، وليس تحرجا من احد ولا
كراهة للظهور بمظهر من تتخلى عن شريكها في شدته.
فأنت تواجهين اختيارا مصيريا في حياتك.. ولابد من أن يكون
ايمانك بهذا الاختيار طاغيا وغير قابل للتردد أمامه أو المراجعة..
ذلك ان قوة الايمان بصواب هذا الاختيار هي التي ستحميه من
عوادي التردد والحيرة والندم.
وعلماء النفس يقولون لنا ان الحياة مزيج من مجالات واحتياجات
انسانية متعددة منها العاطفة والعقل والعلاقات الأسرية والعمل والعلاقات الأسرية
والعمل والعلاقات الاجتماعية. الخ.
.. وان الانسان قد يطغى عليه في بعض فترات حياته احتياج او
مجال من هذه المجالات فيستغرق فيه على حساب تجاهل المجالات الأخرى، لكن ذلك لا
يدوم الى الأبد وانما كثيرا ما تهدأ فورة الشعور بهذا الاحتياج، وتبرز الاحتياجات
الاخرى الى السطح وتفرض نفسها عليه بعد ان يكون قد اشبع احتياجا انسانيا واحدا
لديه لفترة مؤقتة على حساب احتياجات قد تكون اكثر أهمية منه على المدى البعيد،
فاحسمي أمرك وقلبي الأمر على كل وجوهه.. وادرسي كل الاحتمالات، وتذكري كذلك ان
السعادة هبة غالية لا تتاح للانسان في كل وقت.. وان الانسان الذي يتخذ قراراته
بملء ارادته وبعد ان يتبصر جيداً قراره ويدرس كل جوانبه ويقبل بتبعاته، هو فقط
الانسان الذي لا يحرقه الندم على اختيار ارتآه حتى ولو بدا في عيون الآخرين غير
مصيب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق