أكتب إليك ياسيدي وأنا في قمة ألمي وعذابي, وأحتاج حقا إلي
نصيحتك ومشورتك. فأنا سيدة مطلقة في الخامسة والعشرين من عمري, ولي طفل عمره
عام وثمانية أشهر, نشأت والحمد لله في أسرة ميسورة الحال.. أب حنون بكل معاني
الكلمة, وأم متفاهمة, ولي أخان وأخت تخرجوا في كليات مرموقة, لكن مشكلتي منذ
صغري ـ كما كان يقول أصدقائي عني أنني طيبة وأتعامل مع جميع الأشخاص بطبيعتي, لا
أعرف الزيف ولا الكذب. لم أكن أشعر وقتها بأن هذه مشكلة, فقد رباني والدي علي
هذا وكان يغرس في دائما أن جميع البشر يتمتعون بالطيبة والأخلاق الحميدة, وعلي
أن أتعامل معهم هكذا, فنشأت أحب الحنان والطيبة ولا أشعر بأنهما عيب
وعلي الرغم من حبي للتعامل واللعب مع الأطفال كثيرا لم تكن لي علاقة بأي زميل أو صديق. كنت أؤمن بأنني مادمت قد حافظت علي نفسي فسوف يرزقني الله بشخص محترم يكون زوجا لي, وتخرجت في إحدي الكليات النظرية ثم تقدم لي أحد الأشخاص كنت أراه شخصا محترما متدينا يصوم السنن باستمرار, ويداوم علي تأدية فروضه, فتمت خطوبتنا لفترة قصيرة تزوجنا بعدها وأنا أحلم بحياة العائلة, وأحلم بالأطفال والزوج واللمة, ولكني فوجئت بشخص آخر..
شخص يحب نفسه أولا وأخيرا مهما قال إنه يحبني, فهذا كلام فقط بدون فعل, فهو لا يراعي احتياجاتي, ولا يتحدث معي, ودائم الإهانة لي, حتي عندما يهينني أحد من أسرته الذين كنا نسكن معهم لا يتحرك له ساكن, لكني مع هذا كنت أحبه وأحب أسرته كأسرتي, ولكني لا أعرف ماذا يريدون! أقوم بمودتهم لكنهم يطلبون المزيد وأنا لا أتذمر, يتدخلون في جميع شئون حياتنا حتي عندما تحدث مشكلة بيني وبينه مثل أي زوجين أجده يحكي لأهله كل شيء, ووالده يحكي للجيران
وهكذا حتي أجد كل تفاصيل حياتي مع جيراني, حتي عندما تحدث أي مشكلة كبيرة يتدخل فيها الأهل والجيران تخيل أنني أجد زوجي والد طفلي نائما وأنا جالسة في مجلس الرجال أحكي لهم تفاصيل المشكلة وهم يحلونها مع والده, بينما هو نائم, وكأنني لست زوجته أم طفله, لكن كنت أحاول أن أرضيه, فهو والد طفلي, كنت أدبر كل شيء في المنزل حتي عندما ينتهي المصروف كنت أقترض من والدتي ولا أجعله يقترض حتي تظل رأسه مرفوعة.
فوجئت به ذات مرة هو وأهله يقررون طردي من المنزل ومعي طفلي بدون سبب ظاهر, وأقسم بالله العظيم أننا كنا نائمين بدون أي مشكلات, وإذ بي أستيقظ علي إهانة وطرد, وقتها عرفت لماذا كان أصدقائي ينتقدونني بسبب معاملتي للأشخاص بحسن نية, فللعيش في هذه الدنيا قوانين أخري لا أعرفها ولا أريد أن أعرفها, وذهبت لوالدي وفوجئت بوالده يتصل للاتفاق علي تفاصيل الطلاق, وفي أول مكالمة قال بالحرف الواحد: نحن لا نريد الطفل, فابني سوف يتزوج وينجب من هو أحسن منه, هذا كلام جد طفلي, وكنت في هذه الفترة في ذهول, وكنت أنتظر من زوجي أن يتصل وبمجرد أن يعتذر سأسامحه, لكن مر الآن عام ونصف عام علي طلاقنا ولم أسمع صوته منذ هذا الوقت.
سيدي أنا أتألم كل يوم أكثر من مليون مرة في الثانية, ليس بسبب الطلاق, ولكن كلما أري طفلي أتعذب كثيرا, فلم ير الطفل والده منذ عام وأكثر, ولم يطلب رؤيته وتزوج وعاش حياته وهذا حقه, وأنا أعلم أن الله شاهد علي كل منا وسوف يعوضني خيرا, فأنا والحمد لله بشهادة جيراني وكل من حولي حاولت معه الكثير من أجل الحفاظ علي بيتنا, لكنه هو وأهله( سامحهم الله) لم يريدوني, لكن طفلي لا ذنب له في سوء اختيارنا لبعضنا بعضا, أنا أترجاه لكي يأتي ويري طفله, لكن والده يأبي هذا, وكأنني كنت متزوجة من والد زوجي
أريد لطفلي حياة سوية حتي ولو علي حساب نفسي, لا أعلم هل أشتري له حب والده وأتنازل عن نفقته مقابل أن يراه والده كما قال, تخيل أن والد طفلي كان يذهب إلي حفلة يوم اليتيم, هذا الوالد الذي لم يفكر خلال عام ونصف عام أن يري طفله في أي من العيدين أو عيد ميلاده, مهما كان لا يحبني فهذا ليس ذنب طفله وإلا لكنت كرهته أنا أيضا لما مر بي مع والده, لكن طفلي هو نور حياتي أحبه أكثر من أي شيء حتي ولو كان والده هو من ظلمني, وافتري علي, لكنه فلذة كبدي وأريد له كل سعادة وهناء في الدنيا
حتي لو كنت أخطأت فنحن بشر وسوف يحاسبني الله ولا ذنب للطفل في هذا, أريد أبا لطفلي.. أريد لطفلي أن يتربي تربية سوية ويستمتع بكلمة بابا فماذا أفعل؟
* سيدتي.. وضعت يدك بنفسك علي موطن الأزمة أو المشكلة الأزلية في العلاقات الزوجية التي لا يدفع ثمنها الآباء فقط, لكن الثمن الأكبر يدفعه الأبناء.
سوء الاختيار, نعم ياسيدتي لوكان ما جاء في رسالتك صادقا فإنك تكونين قد أسأت الاختيار, وارتضيت بشريك حياتك لمجرد إتيانه بمظاهر دينية قد لا تعكس بالضرورة تدينا حقيقيا, فالتدين وممارسة الفرائض والسنن لابد أن يعبرعنها سلوك راق وملتزم, وهذا يستدعي أسئلة وتتبعا لسلوك العريس وأسرته, والأمر نفسه بالنسبة للعريس, لكنها العجلة والرغبة في الزواج والفهم القاصر لمعني القسمة والنصيب.
أخطأ والدك بحسن نية وطيب خلق عندما رباك وغرس فيك أن جميع البشر يتمتعون بالطيبة والأخلاق الحميدة, لأن علينا أن نربي أبناءنا علي ما هو قادم من الأيام ونعلمهم كيف يتعاملون مع الطيب والشرير, فالحياة لم تكن أبدا لفريق واحد, وبما أننا نحياها فلابد أن نؤهل للتعامل مع كل طباع البشر, لأن الابن إذا نشأ علي مفاهيم واحدة ثم اصطدم بعكسها فإنه يفقد قدرته علي التدبر والتفكير واختيار أسلوب التعامل الملائم.
سيدتي.. منذ بداية زواجك اكتشفت الوجه الآخر لزوجك, وإهانات دائمة, وعدم تحمل للمسئولية, وإقحام أسرته, خاصة والده, في كل تفاصيل حياتكما.
أصبحت حياتكما الخاصة علي الهواء مباشرة مع أسرته, ومع الجيران, وأمام مجالس الحكماء, كل هذا وأسرتك غائبة, أين والدك ياعزيزتي؟! لماذا لم يتدخل أحد منذ البداية؟ ولماذا تعجلتما الإنجاب وعلاقتكما متوترة منذ بداية الزواج, ألم يكن الأفضل لكما ولهذا الطفل التأني والتأكد من أن هذه الحياة الزوجية ستستمر قبل أن تظلما من ليس له ذنب؟!
الكلام ليس لك وحدك ياسيدتي, بل تجاوزك, لكنه لكل اثنين تزوجا علي عجل واكتشفا أن مستقبلهما الزوجي مهدد, لعلهما يرجئان الإنجاب حتي ترسو السفينة علي الشط أو يرحل قائداها كل إلي حيث يريد ويستريح.
ولأن ما حدث قد حدث, فإني أتفق معك تماما في أن الطفل في حاجة إلي والده وجده, ومن حقه ألا يعاقب بسبب أخطائكم جميعا, لذا فإنني أناشد والده أن يتقي الله المنتقم الجبار, فسؤاله واهتمامه بابنه لن يكلفه شيئا, وهو مكلف شرعا بالإنفاق عليه, فإذا غرته الأيام بشبابه وبقدرته علي الإنجاب, فإن يوم الانتقام آت لاريب فيه, في يوم قد يحتاج إلي كلمة أو لمسة أوسؤال من ابنه ولا يجده.
طفلك ياسيدي لم يرتكب ذنبا في حقك, تزوج من جديد.. افعل ما تشاء لكن وفر لابنك حياة طبيعية بالسؤال عنه, والإنفاق عليه, وهذا لن يكلفك الكثير, واسأل نفسك ماذا لو كان والدك, الذي يدعمك ويحرضك الآن, قد أهملك وتجاهلك ماذا كنت ستشعر تجاهه؟
لا تقل لنفسك: عندما يكبر سأحتويه, فما نغرسه في نفوس أطفالنا في الصغر من غياب وعلقم هو الشوك الذي يدمينا في الكبر, فعد إلي ضميرك والتزم بمعني ومفهوم التدين لا بمظاهره, ولا تظلم امرأة وطفلا ولاك الله عليهما وحملك مسئولية لم تكن جديرا بها حتي الآن.. وإلي لقاء بإذن الله.
ان شاء الله ربنا هايعوضك انتى وابنك بكل خير لان ربنا أحن على ابنك من والده
ردحذفالكلام غير منطقي
ردحذفيجب سماع وجهة نظر الاب